اعتقد البعض من المراقبين ممن يتابع الشأن الفلسطيني أنّ ما حصل في غزة لا يتعدّى كونه جولة جديدة من جولات القصف المتبادل دون إحراز أيّ تغيير بالمواقع مع أصوات التنديد بالقتلى الاسرائيليين والاكتفاء بمراقبة عدّاد الشهداء الفلسطينيين من أطفال ونساء وعائلات فلسطينية أبيدت عن بكرة أبيها.

يخطئ من يعتقد أنّ ما جرى ويجري في غزة هو شأن فلسطيني اسرائيلي فقط، ذلك أنّ ما حصل في غزة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يجرى بالمنطقة لا سيما ما حصل في العراق من اجتياح واسع لقوات داعش وسيطرتها على مناطق شاسعة من العراق وصولا للحدود العراقية الايرانية عبر منطقة ديالي.

التلكؤ الأميركي و تشجيع بعض الدول الداعمة لداعش لا سيما الخليجية منها أراد أن يقلب الطاولة على محور الممانعة والمقاومة بعد الفشل بتحقيق أهداف المؤامرة في سوريا، صفعة مزدوجة لايران تصيب وتربك إيران وأدواتها أي رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي المدعوم من ايران من جهة وتهديد العراق بالتقسيم انطلاقا من الدولة الكردية التي أصبحت جاهزة ولا ينقصها سوى الاعلان.

ايران لم تستسغ الوضع فقررت عدم ترك الساحة وكان ما حصل على الحدود السعودية اليمنية مؤخرا من تنفيذ عملية ضد قوات حرس الحدود السعودي اضافة لما يجري في غزة رسالة واضحة المعالم من ايران.

الولايات المتحده ومعها اسرائيل أرادت تضييق الخناق على ايران من خلال توجيه ضربة موجعة لحركة حماس المدعومة من ايران لكن مفاجأة الرد الفلسطيني أربكت العدو الاسرائيلي والأميركي وحلفاء أميركا من العرب.

تم ارسال طوني بلير الى القاهرة ثم كان اجتماع وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية والخروج بمبادرة كتبت بقلم طوني بلير وتم تبنيها من قبل مجلس الجامعة العربية وسميت بالمبادره المصرية . من قرأ بنود المبادره يكتشف انها مبادرة لاستسلام حماس.

رد المقاومة كان سريعا برفض المبادرة المصرية مفضلة ان تاتي المبادرة من قطر وتركيا.

الاشتباك العربي الاقليمي السعودي القطري المصري التركي سيؤخر اي اتفاق للتهدئة في غزة.

ان ما يحصل في غزة هو صراع أميركي ايراني بامتياز، خصوصا بعد تعثر المفاوضات في جنيف بين ايران و الدول 5+1 والولايات المتحدة في فيينا للوصول الى اتفاق حول الملف النووي الايراني.

بات من الواضح أنّ الامور في غزة متجهة الى مزيد من التصعيد بعد سقوط مصر بفخ المبادرة المرفوضة مترافقا بصمت عربي مطبق، وفي ظل الاشتباك الاقليمي والدولي فإنّ أي بحث لأيّ مبادرة تفضي لوقف اطلاق النار تبقى الانظار متجهة الى فيينا.