يعرب مسؤولٌ أممي لبناني الاصول عن خشيته من تدهور سريع للاوضاع السياسية والامنية في لبنان بعد أن نجحت القوى الاقليمية والدولية في تحويله إلى ورقة ضاغطة بيد اللاعبين الكبار وإلى ساحة كباش بين القوى الاقليمية المتصارعة في ظل عملية إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة العربية برمتها. فصحيحٌ أنّ هناك مظلة أمنية دولية ما زالت تبعد نوعا ما الانفجار الكبير، ولكنّ الصحيح أيضًا أنّ هناك مشاريع كثيرة معدّة له أبرزها إعادة تركيب النظامين الاقتصادي والسياسي وفق أسسٍ جديدة لا يمكن التكهن بنتائجها. بيد أنّ الفراغ الذي بدأ من موقع الرئاسة الاولى مرشح للوصول الى القطاعات الاقتصادية والسياسية كافة وربما الامنية ايضا، وكلّ ذلك لارغام الافرقاء على الجلوس إلى طاولة مستديرة ليس للحوار هذه المرة بل لمؤتمر تأسيسي ينسف النظام الراهن القائم على أسس اتفاق الطائف الذي لم يجد طريقه الى التنفيذ منذ التوقيع على بنوده.

ويكشف المصدر أنّ أحد أبرز السيناريوهات المطروحة هو تعميم الفراغ في المؤسسات الرسمية كافة بما فيها مؤسسة مجلس النواب التي تبحث عن صيغة تسمح بالتمديد للنواب الممدة ولايتهم اصلا من دون التوصل حتى الساعة إلى أيّ سيناريو يقبل به المجتمع الدولي للاعتراف بشرعيته وتواقيعه الرسمية ومفاعيلها، إضافة إلى إفراغ الادارات العامة والنقابات من خلال حملة تمديد وتجديد لشاغلي المناصب الحالية يليها ارباكات في تسيير أمور الدولة المالية، فضلا عن الضغط على النقابات لارغامها على التحرك وتطيير ما تبقى من مصداقية للدولة بأجهزتها ووزاراتها، وهذا ما يبرر انفجار الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية دفعة واحدة. فالظاهر أنّ أزمة السلسلة وكلّ ما يتصل بها من ملفات تربوية فضلا عن الجامعة ومتفرعاتها هي سياسية المنشأ وكل العراقيل المتصلة بها لا تخرج عن إطار التأسيس لفراغ إداري وتربوي واجتماعي تمهيدا لتعميم ظاهرة الفوضى غير المنظمة هذه المرة، ناهيك عن إفراغ التضامن الحكومي من مضمونه وتاليًا تعطيل الحكومة ودفعها إلى عدم الاجتماع إلا للصورة أو لرفع العتب من دون السماح لها باتخاذ القرارات ولو بحدّها الأدنى وما العرقلة التي تشهدها الملفات الساخنة والحيوية والسجالات حول طريقة دفع الرواتب وتمويل الكهرباء وما الى ذلك من استحقاقات الا اثبات على النوايا المتجهة الى التعطيل الكامل.

ويرى المصدر الأممي أنّ الامور تتجه في كواليس أصحاب القرار ومجالسهم الاستشارية الى التسويق لحل سياسي للبنان يعتمد على سلسلة من الاصلاحات الجذرية ابرزها اللامركزية الادارية الاقرب الى الادارة الذاتية لكل مجموعة او كيان طائفي وسياسي ومن بعدها اعادة تركيب المجالس النيابية والوزارية استنادا الى معادلة جديدة قائمة على المداورة في الرئاسات الثلاث بعد اعادة النظر بالولاية الرئاسية ما يقفل الباب على الصراع داخل الطائفة او المذهب اولا وللحد من تدخل رجال الدين ثانيا ولاعطاء الفرص المتساوية لكل شرائح المجتمعين السياسي والطائفي المسيطر في ظل خلل ديمغرافي فاضح مستمر ومرشح للزيادة المضطردة. بيد أنّ الصيغ والتجارب السابقة اثبتت فشلها الدائم ودفعت بالبلاد الى الارتماء في احضان الخارج ما ساعد على تعطيل مصالح بعض الدول على حساب اخرى، بحيث أنّ الاستحقاقات السياسية والامنية اصبحت خارج الحدود ما بات يضع أكثر من إشكالية أمام تنفيذ مشاريع الشرق الاوسط الجديد الذي أصبح قريبًا إلى الواقع بعد سلسلة التحولات الطارئة.

مهما كانت النتائج المترتبة عن مثل هذه المشاريع التي لم يعد لبنان بعيدًا منها، فإنّ الواقع يشير بحسب المصدر إلى أنّ كل السيناريوهات المطروحة بشأن لبنان خصوصًا والمنطقة عمومًا يمكن وصفها بالمرعبة خصوصا ان الاجواء باتت مهيأة لكل ما من شأنه ان يعيد خلط الاوراق الدولية والاقليمية انطلاقا من الساحات الضعيفة على غرار لبنان.