لم تعد ثلاجة الموتى في مشفى الشفاء الطبي الرئيس وسط مدينة غزة تكفي لجثامين الضحايا الذين وصلوا صباح الأحد وبقيت ملقاة على الأرض بعدما كان عدد منهم أصيب وتُرك ينزف بنيران وقذائف المدفعية الإسرائيلية والطائرات التي ألقت وابلاً منها على حي "الشجاعية" أكبر الأحياء السكانية في مدينة غزة منذ ساعات المساء الأولى يوم السبت.

وأعاد مشهد الحي المدمّر، ورائحة القذائف والموت التي انتشرت في أزقته، وصور الضحايا على جوانب الطرقات، والمنازل التي دُمرت على رؤوس ساكنيها إلى الأذهان مجزرة "صبرا وشاتيلا" التي ارتكبتها إسرائيل عام 1982، علمًا أنّ ما لا يقلّ عن 72 فلسطينياً نصفهم من النساء والأطفال قضوا في مجزرة بشعة ارتكبتها بحق مواطنين مدنيين، بعد أن انهالت عليهم قذائف المدفعية وصواريخ الطائرات المقاتلة F16 وحاول الكثير منهم الهرب من نيرانها والنجاة من الموت.

أكثر من مجزرة..

ويقول حمدان سعد، أحد الناجين من المجزرة، "إن القذائف تساقطت على رؤوسنا ونحن داخل منازلنا منذ ساعات مساء السبت، وحتى صباح الأحد"، ويضيف: "كانت الشظايا في كل مكان، والطائرات من فوقنا تطلق صواريخها على منازل الحي".

وفي حديث إلى "النشرة"، يرفض سعد وصف ما جرى بالمجزرة، بل إنها أكثر من ذلك، إذ أنّ قوات الاحتلال تعمّدت قتل الفلسطينيين في هذه المجزرة بشكل مباشر وبدم بارد.

ويتابع: "تجمعنا أنا وأفراد أسرتي الـ23 في غرفة داخل المنزل، لكنّ القذائف دخلت بيتنا، حاولنا الهرب إلى منزل الجيران المجاور، وأطلق علينا عدد من القذائف وأصيب عدد من أفراد الأسرة، وقتل 5 من جيراننا أمام أعيننا".

وقضت عائلات بأكملها في حي الشجاعية أبرزها عائلة عياد ارتقى منها 11 شخصاً وعائلة سكر والحلو والحية وغيرها.

لا أحد يجيب!

أما سها أحمد، فتروي أنّ الإسرائيليين قصفوا منزل عائلة السكافي المقابل لمنزلهم ويوجد بداخله 12 شخص، وتقول: "قتلوهم بدم بارد وأصبحوا تحت الركام، حاولنا الاتصال بالصليب الأحمر وسيارات الاسعاف لكن لا أحد يجيب".

وتضيف في حديث لـ"النشرة": "أصبحنا نستغيث وننادي بصوت عالِ لكن لا أحد يجيبنا إلا أصوات القذائف التي تنهال علينا".

بدوره، يصف حسين أبو سكران مشهداً آخر، ويقول: "أنا من سكان شارع النزاز وهو الشارع الذي قٌصف ودُمر بالكامل، تم قصفه كل البيوت الموجودة فيه بالقذائف والطائرات، فسقط عدد كبير من الضحايا وأصبحوا في كل مكان، ولا مسعفين ولا أحد يخلي من أصيب".

ويتابع: "عائلات أُبيدت بأكملها، ومنازل دُمرت على رؤوس ساكنيها، ما حدث لا يمكن أن ننساه هو أشبه بصبرا وشاتيلا وأكثر من ذلك".

نزوج جماعي..

شاهد عيان آخر دخل حي الشجاعية خلال فترة الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها إسرائيل، يقول لـ"النشرة": "وجدنا داخل أحد المنازل 7 قتلى كانوا قد احتموا من القصف في بيت درج منزلهم بعد أن قصفته الطائرات المقاتلة من طراز F16".

لكن أحلام رضوان التي نزحت إلى مشفى الشفاء الطبي هرباً من القصف، لا تزال تبحث عن أفراد عائلتها التي لم تعرف عنهم شيئاً حتى اللحظة.

وتسببت ​مجزرة الشجاعية​ في نزوح ما يقارب 100 ألف مواطن إلى مشفى الشفاء الطبي، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" وإلى بعض منازل المواطنين والأقرباء.