ربما لم تختلف الظروف التي حكم خلالها صائب سلام عن التي يحكم فيها نجله تمام. وقتها خرج صائب الاب بخلاصة ان لبنان لا يحكم الا وفق صيغة لاغالب ولامغلوب وكانت الامور الداخلية تدار وفق معادلة يرسمها التفاهم السوري-الاميركي-السعودي، اليوم يعيش تمام الابن الظروف نفسها، فتمام بيك يمتلك ما يكفي من الصبر وحكمة رجل الدولة كي يتقن فن الحكم في الظروف الصعبة، لا توافق اقليمي فسورية خرجت من معادلة الحكم اللبنانية لتنشغل في ازماتها الداخلية منذ ما يقارب الاربعة اعوام. الاشتباك على اشده بين السعودية وايران في العراق وسورية واليمن. الصراع محتدم بين روسيا والولايات المتحدة الاميركية على اوكرانيا وصراع النفوذ والمصالح الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط وشرق آسيا وبينهما تلعب الصين وتربح الصفقات وتبرم العقود. لهذه الاسباب يتحضر رئيس الحكومة تمام سلام الى إقامة طويلة في السراي ليس برغبة منه او سعي الى السلطة وهي ليست نقيصة وإن (تعفف البيك)، إنما بواقع الحال فالاشتباك الاقليمي والدولي على ملفات المنطقة المذكورة آنفاً يدفع هؤلاء الى الانصراف عن لبنان واستحقاقاته مع بقائه على حال من "الستاتيكو" حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً، مع وضع خط احمر تحت امن لبنان واستقراره فممنوع المس به كائناً من كانت الجهة او الاسباب. من هذه النقطة ينطلق سلام ليشيد بأداء الاجهزة الامنية كافة وجهوزيتها الاستباقية وضرب الخلايا الارهابية قبل تنفيذ مخططاتها الاجرامية ومن حمى لبنان هو الله وإرادة ابنائه والوعي السياسي والجهوزية الامنية والقرار الدولي والاقليمي بتحييد لبنان، وعليه يدعو سلام الى الاستثمار اللبناني في هذا المناخ لتحصين البلد والانصراف الى إنجاز الاستحقاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويرى سلام ان الخطة الامنية التي تستكمل في طرابلس والبقاع كفيلة بترسيخ الامن وقطع الطريق على اي طموحات اصولية او نشوة بنصر داعش او غيرها في سورية والعراق. ويرد سلام على منتقدي الخطة الامنية وانحرافها في اتجاه الاقتصاص من اهل السنة في طرابلس بتكرار الكلام نفسه الذي قاله امس الاول امام وفد هيئة العلماء المسلمين الذي ضم 300 شيخ وعالم اتاه يطلب تصحيح مسار الخطة الامنية وبعض التوقيفات وآخرها الذي طال الشيخ حسام الصباغ فجر الاحد الماضي. ويقول سلام ان الاجهزة الامنية تقوم بواجبها وتنفذ مذكرات التوقيف والاستنابات القضائية بحق المطلوبين وبعد توقيف المطلوب يصار الى تحويله الى القضاء الذي يصدر الحكم المناسب. وبعد مطالبة الوفد لسلام بإطلاق سراح الصباغ قال ان الرجل مطلوب وفي حقه مذكرات قضائية ويجب انتظار حكم القضاء فكيف نقبل بإصدار القضاء قراراً بإعدام رفعت علي عيد ولا نقبل بتوقيف الصباغ او غيره من مطلوبي طرابلس وتنظيم القاعدة؟. وللمفارقة كرر سلام كلامه عن القضاء امس امام وفد من احزاب 8 آذار الذي زاره عصراً والتقاه مطولاً وضم الوفد ممثلا للحزب العربي الديمقراطي الذي يرأسه رفعت عيد.

وناقش الوفد مع سلام جملة من قضايا الساعة المحلية من ملف تفرغ الجامعة اللبنانية الى سلسلة الرتب والرواتب الى الاستحقاق الرئاسي وملف النزوح السوري في لبنان.

في ملف النزوح حمل الوفد الى رئيس الحكومة جملة مقترحات ومنها تسهيل عودة النازحين الى المناطق الآمنة والغاء رسوم الامن العام المالية والتي تمنع هذه العودة. وعن إقامة المخيمات داخل لبنان أكد سلام للوفد ان لبنان يرفض إقامتها على اراضيه كما ترفض الدولة السورية إقامتها على الحدود المشتركة او في مناطق آمنة وتعتبر ان الاولوية لعودة النازحين الى ديارهم الاصلية والتي تحررت وأصبحت خالية من الارهابيين في حين تطرح المخيمات إشكالية حمايتها ورعايتها امنياً بالاضافة الى مشكلات وتبعات إقامة المخيمات واعبائها. واشار سلام الى وجود تضخيم إعلامي لاعداد المخيمات العشوائية فالارقام تقول بوجود 13 في المئة من النازحين يقيمون في تجمعات عشوائية بينما يتوزع 87 بالمئة منهم على القرى والمدن اللبنانية.

ملف سلسلة الرتب والرواتب وتفرغ اساتذة الجامعة اللبنانية كان حاضراً واشار سلام الى انه يبذل قصارى جهده للوصول الى حلول في ملف السلسلة وإيجاد مصادر التمويل وكذلك حل ملف الاساتذة المتفرغين والذي يقف اليوم عند بوابة الاشتراكي والكتائب (قضية عميد كلية الطب)، والذي بقي ضبابياً حتى ساعات المساء الاولى اذ عكس وزير الاشتراكي اكرم شهيب اجواء سلبية لاحد اعضاء الوفد والذي التقاه في باحة السراي الخارجية.

لم يغب عمل مجلس الوزراء وآلية شغله لبعض صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة حيث شدد سلام على انه من دعاة التوافق في اول الكلام وآخره رغم كلفته العالية فالتوافق يعني ان يوافق الجميع على كل شيء وعندما يرفض احد الاطراف شيئاً فإنه سيتعطل. فالتوافق رغم شبح التعطيل فيه يبقى اقل كلفة من التشنج والتأزم والخلاف وتعريض الاستقرار الداخلي الى الاهتزاز وسط غابة من الاعاصير والرياح التي تعصف بالمنطقة.