أقلّ من أسبوع يفصلنا عن ​عيد الفطر​ السعيد إلا أنّ الحركة الاقتصادية في مدينة النبطية هذه السنة تختلف عن الأعوام الماضية من حيث الانتعاش الاقتصادي، وذلك نتيجة عدّة عوامل أهمها الهاجس الأمني الذي يخيّم على المنطقة ولبنان من ضمنها، وكذلك الركود الاقتصادي الذي يسيطر على لبنان بكامله، فضلا عن القلق الذي يساور الموظفين من عدم قبض رواتبهم أواخر الشهر نظرًا لعدم وجود مسوّغ قانوني وهو ما يحتاج إلى جلسة تشريعية في مجلس النواب، وإن كان الحديث عن "تسويات" بدأ يدور في الأفق على المستوى السياسي اللبناني.

بأيّ حال عدت يا عيد!

صحيح أنّ البسطات الشعبية باتت منتشرة على جانبي السوق التجاري في النبطية، وصحيح أنّ حركة الزوار تبدو كثيفة خصوصًا خلال فترة الليل ما بعد الإفطار، إلا أنّ لسان حال الجميع يبقى "بأيّ حال عدت يا عيد"، وكذلك "العين بصيرة واليد قصيرة"، ما يدفع المواطنين للبحث عن البضاعة الأرخص ثمنًا نظراً للوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يعيشونه.

إضافة إلى ذلك، تنتشر باقات الورود وأكاليل الزهور على جانبي المدافن في النبطية وقربها، بحيث يأمل أصحابها أن يزدهر بيعها صبيحة يوم العيد، فكلّ من يأتي لزيارة أضرحة ذويه وقراءة الفاتحة لهم لا ينسى أن يحمل الورود والرياحين ليضعها على تلك الاضرحة كعربون تقدير ووفاء منه لمن كانوا علة وجوده في الحياة وهي عادة متوارثة عن الآباء والأجداد منذ القدم ويواظب الجميع على التمسك بها إجلالا لأمواتهم.

تخفيضات وصلت لحدّ النصف

ليل مدينة النبطية كنهارها من حيث إضاءة شوارعها بفضل التعاون والتنسيق بين بلدية النبطية ورئيسها الدكتور أحمد كحيل وجمعية تجار محافظة النبطية ورئيسها وسيم بدر الدين ومحافظ النبطية القاضي محمود المولى وسرية درك النبطية بقيادة العقيد علي هزيمة ونواب النبطية الحاج محمد رعد وياسين جابر وعبد اللطيف الزين والنائب هاني قبيسي والذي أثمر تكثيفًا لدوريات قوى الامن الداخلي وشرطة بلدية النبطية في مدينة النبطية خلال الليل في الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك وإنارة الشوارع فيها لإفساح المجال للزوار بالتحرك بحرية وارتياح وشراء ما يحتاجونه من سلع وبضائع والتجول في السوق براحة واطمئنان.

وفي جولة لـ"النشرة" على السوق في النبطية برفقة رئيس جمعية تجار محافظة النبطية وسيم بدر الدين، برزت بوضوح التخفيضات على الأسعار التي وصلت لحدّ النصف، ويلفت بدر الدين إلى أنّ حركة السوق قوية مع ساعات المساء وتشتدّ ما بعد الافطار، إلا أنّ الجمود الاقتصادي والركود هو المسيطر على السوق في النبطية، فالمواطن يأتي ويفتش على الأرخص وهذا حقه نتيجة الوضع الاقتصادي ما يجعله يشتري الضروري جدًا فقط لأولاده لإسعادهم ببهجة العيد.

الركود سيد الموقف

وفي حديثه لـ"النشرة"، يلفت بدر الدين إلى أنّ الركود الاقتصادي هو سيد الموقف، ويقول: "لا يبدو أننا نعيش في أجواء عيد أو أننا في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، حيث كانت حركة البيع تزداد في هذه الأيام بنسبة عالية، لكن هذه النسبة اليوم في انحسار وتدنّ نظراً للخوف والقلق والوجوم والوضع الامني في لبنان والمنطقة والعدوان الاسرائيلي على غزة، ويشير إلى أن كلّ ذلك انعكس سلبًا من الناحية الاقتصادية فتراجعت حركة الشراء كثيرا، حتى أنّ من يملك قرشا احتفظ به للايام الاتية التي على ما يبدو ستكون صعبة، فضلا عن أنّ الموظفين لا يعرفون ما اذا كانوا سيقبضون رواتبهم آخر الشهر أم لا، خصوصًا أنّ الدولة اعتادت كل سنة أن تدفع لهم رواتبهم قبل حلول العيد بأربعة أيام.

ويؤكد بدر الدين أنّ القلق انسحب أيضًا على الأسواق والأوضاع الاقتصادية نتيجة الجو الملبّد في لبنان من كلّ النواحي بغياب أيّ شيء يوحي بفسحة أمل، موضحاً أنّ الارتياح الامني والسياسي ينعكس فورًا على الوضع الاقتصادي وهذا غير متوفر حاليًا لا في لبنان ولا في النبطية، ويضيف: "رغم أننا كجمعية تجار قمنا بإنارة الشوارع خلال الليل بالتعاون مع بلدية النبطية والساحة العامة للمدينة ورفعنا الفانوس الرمضاني المضاء على مدخل النبطية وزينة رمضان، إلا أننا لم نتمكن هذه السنة وبالتعاون مع الأندية والجمعيات من القيام بالنشاطات المواكبة لشهر رمضان والملازمة للعيد بسبب الاوضاع الاقتصادية الضاغطة والامنية غير المستقرة".

خبزنا كفاف يومنا

من جهتهم، أكد المواطنون الذين التقتهم "النشرة" في جولتها على صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومن هؤلاء الموظف أحمد موسى الذي كان يجول مع عائلته في سوق النبطية، حيث يلفت إلى أنه لا يستطيع أن يشتري كلّ ما تحتاجه عائلته خصوصًا في ضوء أزمة الرواتب، ويقول: "لم نقبض بعد رواتبنا ولا يبدو في الأفق أننا سنقبض ونحن نطالب النواب بالنزول الى المجلس النيابي لعقد جلسة تشريعية لاقرار حقوق الموظفين والمعلمين بسلسلة الرتب والرواتب والاجازة للحكومة لاقرار الموازنة حتى تتمكن وزارة المالية من دفع الرواتب للموظفين"، ويضيف: "من المحرمات الاقتراب ايضا من حقنا وتعبنا والا فان الوطن سيشهد ثورة مجاعة".

بدورها، تلاحظ ساميا عياش أنّ النازحين السوريين بات بمقدورهم التبضع والشراء أكثر من اللبنانيين، موضحة أنهم يملكون بطاقة ممغنطة من الأمم المتحدة تخولهم شراء ما يحتاجونه وأكثر من اللحم والدجاج والثياب والاكل والملبس، وتقول: "المحال تعجّ بهم ونحن بالكاد نشتري خبزنا كفاف يومنا تطبيقاً لقول السيد المسيح وإذا ما أردنا ذلك فإننا نحتاج يوميًا إلى 50 الف ليرة على الأقل".

حركة معدومة ولا سيولة...

أما التاجر حسن جابر، وهو صاحب محل للأدوات المنزلية والغذائية، فيشير إلى أنّ حركة المتجولين في سوق النبطية تتفوق على حركة البيع والأسباب معلومة وهي أمنية واقتصادية، ويوضح أنه ليس هناك سيولة بيد المواطنين حيث لم تقبض الشريحة الكبرى منهم رواتبها، ويدعو النواب لتلبية نداء رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتوجه الى المجلس النيابي وعقد جلسة تشريعية لاقرار الحقوق ودفع الرواتب لمستحقيها كي تنشط الحركة والاسواق الاقتصادية وتعود وتدب الحيوية فيها.

وتؤيد هناء ناصر، وهي صاحبة محل تجاري في النبطية، من سبقوها بحيث تشير إلى أنّ الجمود الاقتصادي الذي نشهده اليوم غير مسبوق، وتقول: "نفتح الى ما بعد منتصف الليل وبالكاد نستطيع تأمين أجرة المحل الشهري"، وتشدّد على أنّ حركة البيع والشراء معدومة الى اكثر من ستين بالمئة. وترى انها معضلة وازمة وعلى السياسيين الرأفة بالناس والعمل على حلحلة كل المشاكل حتى تحل الامور الاقتصادية وينتعش الوضع الاقتصادي مجددا.

تأهب أمني

أمنيًا، علمت "النشرة" أنّ الجيش اللبناني سيتولى حماية المساجد صبيحة يوم العيد في مدينة النبطية للحفاظ على حركة دخول وخروج المصلين اليها، كما أنه سينتشر في المدينة تأمينا للسلامة العامة والاستقرار والهدوء وهو طبعا ما سيطبق على بقية المناطق اللبنانية الاخرى بهدف الحفاظ على الامن والاستقرار ومنع العبث بأمن اللبنانيين.