لاريب أن توقيف حسام الصباغ وقتل المطلوب منذر الحسن على يد الأجهزة الأمنية هو استكمال للتفاهم بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" الذي أفضى إلى ولادة "الحكومة السلامية"، ثم تطبيق الخطة الأمنية في ​طرابلس​، بالتالي فإن "التيار الأزرق" ماضٍ في عملية التهدئة، ولذلك قرر رفع الغطاء السياسي عمّا تبقّى من أدوات استخدمها أو تقاطعت مصالحه مع أنشطتها في جولات اشتباكات طرابلس العشرين، لغايات عدة، منها استهداف الاستقرار السوري، وهذا الأمر بدا جلياً في "مبادرة" الرئيس سعد الحريري الأخيرة، حين طالب الأجهزة الأمنية بضرب الخارجين على القانون بيَدٍ من حديد، وعلى أثرها تمّ توقيف الصباغ وقتل الحسن.

لا شك أيضاً أن القوى الإقليمية والدولية الراعية لفريق الرابع عشر من آذار ماتزال متمسّكة بخيار التهدئة في لبنان، خصوصاً بعد صمود المقاومة في غزة، بعدما راهن "الإسرئيلي" على انهيارها، بسبب الانقسامات السياسية في الشارع الفلسطيني، بالتالي فإن هذا الصمود عزز موقع محور المقاومة في كل المنطقة، ودفع المحور المعادي إلى التفكير مليّاً قبل القيام بأي عمل يحاول فيه النيل من فريق المقاومة في لبنان، حفاظاً على حضور فريق "المستقبل"، نظراً إلى اختلاف موازين القوى على الأرض بين الفريقين.

وللتذكير، فإن الصباغ مطلوب دولياً، وقد أسهم التقاطع الدولي - الداخلي على استمرار التهدئة في لبنان إلى توفير الأجواء المؤاتية لتوقيفه.

قوى الثامن من آذار في المقابل كانت قد سحبت أحد الأسباب الرئيسية للتوتير في طرابلس، من خلال إبعاد النائب السابق علي عيد ونجله رفعت عن المدينة، يضاف إلى ذلك أن "8 آذار" لا تدعم أو تغطي في هذه الفترة أي تشكيل مسلَّح في عاصمة الشمال في المرحلة الراهنة، ما يؤشر بوضوح إلى تمسُّكها بالتهدئة أيضاً، بحسب مصدر إسلامي واسع الاطلاع.

الأمر اللافت الذي تبع عملية التوقيف المذكورة، هو حال الإرباك الذي تعيشه المجموعات المتشددة في الفيحاء، وظهر ذلك من خلال ردود الأفعال السياسية والميدانية التي اقتصرت على بعض التحركات الاحتجاجية الخجولة، ما يثبت أنها كانت مجرّد "هيكل سَلَفي" ذي "محرك مستقلبي" ضمر دور هذه المجموعات عندما قرر "التيار الأزرق" الدخول في تفاهم مع "حزب الله".

وسط هذه الأجواء، تتوقع مصادر طرابلسية أن تستكمل الأجهزة المختصة ملاحقة المطلوبين، وقد تشمل بعض "الرؤوس الحامية" في حال إقدامهم على مخالفة الأنظمة والقوانين، لاسيما أنها تحظى بالغطاء السياسي اللازم، حتى في ضوء استمرار التهدئة المذكورة آنفاً