منذ قيام دولة الكيان "الإسرائيلي" تمّ تلقيح العقل العربي بأن "حدود إسرائيل" من النيل إلى الفرات؛ كما يرمز علم العدو، ووصلت "إسرائيل" إلى النيل عندما احتلت سيناء وتجاوزته باتفاقية كامب ديفيد.

حاولت "إسرائيل" الوصول إلى الفرات عبر اجتياح سورية وقبله لبنان عام 2006 ولم تنجح، فأوكلت المهمة إلى الخليجيين الذين أعطوها فلسطين قبل ذلك، والآن يجنّدون التكفيريين كـ"داعش" وأخواتها ومعهم أكراد البارزاني لتقسيم العراق.. وصلت "داعش" الصهيونية إلى الفرات أو وصلت "إسرائيل الداعشية" إلى الفرات، وقالت داعش: "إن الله لم يأمرنا بقتال إسرائيل"!

بعد احتلال فلسطين تمّ تهجير المسيحيين منها ولم يبقَ من المسيحيين الفلسطينيين إلا القليل، فلاحقتهم "إسرائيل" إلى لبنان وتحالفت معهم بقصد حمايتهم، ولاستغلالهم ضد المقاومة الفلسطينية، فتخلّصت "إسرائيل" من المقاومة بعد اجتياح عام 1982، وخسر المسيحيون ولم يتعظ الذين تحالفوا معها، وما زالوا على غبائهم وضلالهم، بل انتقلوا إلى الترحيب بالثورة السورية المفترَضة، ومع "داعش" وأخواتها من "الإخوان"، حتى وصلت "داعش" إلى الموصل وبدأت بقتل المسيحيين والشيعة، إضافة إلى السُّنة، ودمّرت الكنائس وآخرها كنيسة السريان الكاثوليك التي يعود تاريخها إلى قبل 1800 عام، ويخيِّرون المسيحيين بالجزية أو القتل ويعملون على تهجيرهم كما في فلسطين، والمستغرَب أن العالم المسيحي الغربي يدعم "داعش" و"إسرائيل"، ويترك المسيحيين لمصيرهم الأسود والكارثي.. إنها مصالح النفط والغاز والمقاولات.. العراق بلا مسيحيين في المرحلة الأولى بعد تهجيرهم بالغزو الأميركي، وفي الثانية بالغزو "الداعشي" - الصهيوني.

إنها مرحلة تهجير المسيحيين من الشرق وتقسيم العراق لصناعة "إسرائيل" جديدة عند أكراد البارزاني و"داعش" الموصلية، وتفجير العراق يماثل تنفيذ عملية انتحارية وسط دول الإقليم، والسعودية المطمئنة أنها تمسك بخيوط اللعبة وتحرك الخليفة المصنوع أميركيا و"إسرائيلياً" ستحصد مازرعت.

الأمة العربية على وشك السقوط، ولم يبقَ منها إلا بعض بقع الضوء في سورية ولبنان والعراق وبعض فلسطين، فالجميع تحالفوا مع "إسرائيل" وسقطوا بالاتفاقيات المذلة، والسعودية تدعو "الإسرائيليين" لزيارتها والسلام معها! ثورات الحريق العربي تناشد "إسرائيل" مساعدتها لإغتصاب سورية.. و"الإخوان المسلمون" يتظاهرون ضد "الانقلاب" في مصر ولا يتظاهرون ضد قصف غزة!

"داعش" في العراق إنزال للكوماندوس التكفيري - الصهيوني خلف خطوط المقاومة في سورية ولبنان وفلسطين، لطعنها في الظهر وتفجيرها بالفتن المذهبية لإسقاط دول "الهلال المقاوم"؛ من إيران إلى العراق وسورية ولبنان، ولذا فإن معركة العراق امتداد لعدوان تموز 2006 وحلقة من حلقات تدمير سورية وحصار إيران، والقضاء على القضية الفلسطينية وحق العودة.

"داعش" في العراق ليست لنصرة أهل السُّنة، فهي تهتك أعراضهم وتدمّر مساجدهم وتقتلهم كما تقتل الشيعة والمسيحيين.. فقد أعدمت شيخ قبائل العبيدات (السُّنية) لرفضه قتل الشيعة ومبايعة أمير "داعش"، وقتلت أئمة المساجد في تكريت الموصل الذين رفضوا مبايعتها، وهدمت قبر النبي يونس (عليه السلام) ومسجد حفيد الخليفة عمر بن الخطاب، وألزموا نساء الموصل على "جهاد النكاح" بالإكراه، وقد أحرقت العديد من الفتيات أنفسهن رفضاً لذلك.

وحدة العراق قارب النجاة للشعب العراقي بكل أطيافه، فهو لم يعرف المذهبية ولا الطائفية إلا بعد الغزو الأميركي وسفرائه من "داعش" وأخواتها.

ماذا سيقول مؤتمر الأردن للمعارضة العراقية - التي تدعم "داعش" - للمسيحيين المقتولين والمهجرين؟ وماذا سيفعل الأردن عندما تصل "داعش" إلى عمان بعدما وصلت إلى معان؟ من يفرح لسقوط العراق عليه أن يتحسس رقبته قبل أن تذبحه "داعش" و تسبي نساءه.

العراق جبهة من جبهات القتال ضد المشروع الصهيوني التكفيري الذي يحيط بالأمة التي تتحصن بالمقاومة الشريفة حاملة الأمل بإعادة البوصلة إلى حيث العدو الحقيقي والجهاد الصادق والشريف.. المقاومة تقاتل في غزة والعراق ولبنان وسورية، وستهزم المشروع الصهيوني التكفيري بصواريخ سورية وإيران وبريد المقاومة الذي يوصله إلى غزة، وتضامن الشرفاء من هذه الأمة الساكنين في الخنادق المقدسة بدلاً من الفنادق الملوّثة.