لا يبدو أن الرئيس السابق ​ميشال سليمان​ راغب بالإبتعاد عن الحياة السياسية بعد إنتهاء فترة ولايته الرئاسية، رغم الكثير من التساؤلات التي تطرح حول هذه الولاية التي لم يتمكن من إنجاز أي أمر عظيم خلالها. الرجل العائد من العاصمة الفرنسية باريس، بعد رحلة قصيرة، يمارس نشاطه اليومي كما لو أنه لا يزال رئيساً للجمهورية.

يستقبل الرئيس السابق الزوار ويصدر المواقف السياسية، ويطمح إلى إنجاز مشروع سياسي واضح المعالم خلال فترة قصيرة، بتشجيع من بعض الشخصيات لأسباب غير معروفة، إستناداً إلى "المعجزة" التي أصبحت محور حركته بعد إنجازها "إعلان بعبدا".

في بعض الأوساط السياسية، هناك من يؤكد أن الرئيس، الذي لم يجد من يصلح له صورة وقعت على الطريق في منطقته، يفكر بتشكيل حزب أو تيار سياسي يحمل أفكاره، لكن الموضوع لم ينضج بعد بإنتظار إستكمال المشاورات التي يجريها مع مرواحة من العلاقات المحلية والدولية التي بناها خلال عهده.

وتشير مصادر مطلعة، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن سليمان، بعد أن أدرك أن لا إمكانية لتمديد ولايته الرئاسية، بدأ بالتفكير جدياً في كيفية متابعة حياته السياسية، مدعوماً من بعض الشخصيات التي كانت مستفيدة من وجوده في القصر الجمهوري، وهذا الأمر بدأ ينضج حالياً عبر وضع أكثر من سيناريو على بساط البحث.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الرئيس السابق قد يستغل استحقاق الإنتخابات النيابية، في حال حصولها في موعدها، من أجل العودة إلى الواجهة، عبر دعم بعض المرشحين المقربين منه، لا سيما في منطقتي جبيل وكسروان، وهو كان قام بذلك في العام 2009، إلا أنه لم يستطع إيصال أيّ منهم إلى الندوة البرلمانية.

حتى الساعة، لا تنفي أو تؤكد المصادر المقربة من سليمان إمكانية تشكيل حزب أو تيار سياسي، إلا أنها تشير إلى أن الفكرة موجودة فعلياً لأن الرئيس السابق لا يرغب بالإستقالة من الحياة السياسية أو الوطنية، لكنه لا يزال يبحث عن الإطار الذي سيخرج به إلى العلن، وبإنتظار ذلك هو لا يزال يمارس نشاطه عبر اللقاءات والمواقف التي يصدرها بشكل يومي، وتشير إلى أن ذلك ينطلق من حرصه على المصلحة الوطنية، خصوصاً أن الأوضاع في لبنان والمنطقة خطيرة جداً.

وتكشف احدى الشخصيات، التي عملت مع سليمان لفترة طويلة، أن الرجل أخذ قرار البقاء على الساحة السياسية، لكن الشكل الذي سيكون عليه الإطار الذي سيعمل من خلاله لم تتضح معالمه بعد، وتوضح أنّ الرئيس سابق سيعتمد في ذلك على الشخصيات الوسطية التي سعى سابقاً لتكون من فريق عمل، وتلفت إلى أنّ فكرة تشكيله لحزب أو تيار لا تزال قيد الدرس، خصوصًا أنّ ذلك يتطلب منه تأمين بعض الإمكانات البشرية والمادية.

من حيث المبدأ، تؤكد هذه الشخصية، عبر "النشرة"، أن "إعلان بعبدا" سيكون الركيزة الأساسية لمشروع سليمان السياسي، رغم الإختلاف حوله بين الأفرقاء على ضفتي الثامن والرابع عشر من آذار، وترفض الحديث في إحتمال دعمه ترشيح أي شخصية للإنتخابات النيابية المقبلة، وترى أن حصول هذه الإنتخابات لم يحسم بعد.

ورغم أن البعض يرى أن سليمان، خلال العام الأخير من ولايته، كان يسعى إلى حجز مقعد له في صفوف قوى الرابع عشر من آذار، تؤكد هذه الشخصية أنه لن يكون جزءاً من هذا الفريق أو ذاك، بل سيسعى إلى الحفاظ على موقع مستقلّ، ومواقفه قد تنسجم في هذا الفريق أو ذاك بحسب القضية.

في ظل هذه المعطيات، ترحب مصادر في قوى الرابع عشر من آذار بهذا الأمر، وتنطلق من مواقف سليمان الأخيرة لتعتبر أن البلاد لا تزال بحاجة إليه، في حين ترى مصادر مقابلة في قوى الثامن من آذار أن الرئيس السابق يتعرض لمحاولة إستغلال من الفريق الآخر لا أكثر، وتؤكد أنه لن يستطيع أن يقدم أي شيء جديد، خصوصاً أنه لم يعد موجوداً في المعادلة الداخلية منذ اللحظة التي أعلن فيها ما كان يضمره من مواقف، وهو لم ينجح في أيامه الأخيرة بجمع طاولة الحوار من أجل أخذ صورة تذكارية فقط.