في ظل المعارك اليومية التي تشهدها منطقة جرد عرسال منذ عدة أسابيع، بدأ الحديث في بعض الأروقة عن سعي المجموعات المسلحة المتواجدة هناك، لا سيما "داعش"، إلى توسيع رقعة عملها باتجاه منطقة الشمال، مستفيدة من العناصر التي تسرّبت بعد معركة قلعة الحصن إلى الداخل اللبناني، حيث تمكن المئات منهم من الفرار تحديداً نحو منطقة وادي خالد.

في هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة عن رصد إتصالات، بين مجموعات مسلحة في جرد عرسال وأخرى في الشمال، يتم الحديث فيها عن هكذا سيناريو، وتوضح أن ذلك موضع متابعة من قبل الأجهزة الأمنية التي تلاحق أي معلومة تتحدث عن هذا الأمر، وتلفت إلى أن ذلك تم تدعيمه بمعطيات وردت منذ مدة من قبل بعض الأجهزة الأمنية الغربية.

على صعيد متصل، توضح المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه المجموعات تسعى أيضاً إلى نقل عناصر تابعة لها من البقاع نحو الشمال، خصوصاً أن أعداد المسلحين المتواجدين في منطقة عرسال تعتبر كبيرة جداً، حيث يتم الحديث عن أكثر من 4000 مقاتل، في حين أن عدد المتواجدين في الجانب الثاني من الحدود لا يتجاوز المئات، وبالتالي من الممكن أن يساهم ذلك في تدعيم الجبهة الشمالية، بالرغم من أن هذه المجموعات لا تعتبر أن لديها مشكلة في ذلك، بسبب البيئة الحاضنة هناك.

من ناحية أخرى، تشير المصادر إلى أن حسم المعارك في منطقة جرد عرسال لا تزال بحاجة إلى المزيد من الوقت، وتجدد التأكيد أن ذلك لن يكون خلال وقت قصير، لا سيما أن المجموعات المسلحة كانت قد تمكنت من إنجاز التحصينات قبل أشهر طويلة، وتكشف عن إدخال كميات كبيرة من الحديد والإسمنت إلى المنطقة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن أغلب المجموعات المسلحة أصبحت تدور في فلك "داعش" في هذه المرحلة، خصوصاً أن هذا التنظيم لديه الأموال الطائلة وكميات كبيرة من الأسلحة، وهو لا يزال يحافظ على بعض خطوط الإمداد غير المعروفة، في حين أن باقي المجموعات لديها مشكلة كبيرة على هذا الصعيد.

وفي الإطار نفسه، تشدد المصادر على أن الأوضاع على هذه الجبهة لا تزال خارج السيطرة، وتكشف أن التنظيمات المسلحة لم تعد تقتصر تحركاتها على منطقة الجرد، بل باتت قادرة على التحرك بكل حرية داخل البلدة، نظراً إلى تعاون البعض من أبنائها معها، وتنقل عن أحد الفاعليات قوله أن الأمور خرجت عن سيطرتها، داعيًا إلى عدم تحميل مسؤولية أي حدث أمني قد يحصل لأهالي عرسال.

وتشير المصادر لـ"النشرة" إلى أن السلطات اللبنانية لم تقم حتى الساعة، بالرغم من كل المناشدات والتحذيرات، بالإجراءات المطلوبة لمنع تفاقم الأمور، ما يدفع إلى طرح علامات الإستفهام، خصوصاً أن لديها معلومات منذ أشهر طويلة عن أن الأوضاع هناك لم تعد تحتمل، لا سيما بعد حصول أكثر من عملية خطف وقتل، وبالتالي كان من المفترض أن تقوم بأعمال إستباقية، بعد أن كان واضحاً أن الجانب السوري سوف يعمد إلى طرد هؤلاء من أراضيه بأي ثمن.

وعلى الرغم من ذلك، تخلص المصادر الى المطالبة باتخاذ الإجراءات الوقائية بشكل سريع لأن كل تأخير سوف يجعل الثمن باهظًا، وتلفت إلى أن المجموعات المسلحة لديها القدرة على الصمود في مكانها لمدة طويلة من الزمن، بسبب توافر الإمكانيات اللوجستية لديها.