زعيم المختارة ​وليد جنبلاط​ بطبيعته تميز بمواقفه «المتقلبة» التي هي ناتجة من الرؤية الاستراتيجية لبقاء الاقليات وتحديداً لطائفة الموحدين الدروز، وفقاً لاوساط متابعة لتحركات «البيك»، التي تؤكد ان مواقفه «المتقلبة» هي نتيجة خيار اعتمده عن سابق تصور وتصميم، لكن اللافت في لقاءاته النوعية، انه لم يتورع عن زيارة منزل رئيس «حزب القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في ذوق مصبح في ظل الوجود السوري، كما ان علاقته مع الكاردينارل مار نصر الله بطرس صفير كانت واضحة رغم الانتقادات العنيفة التي كانت توجه الى البطريرك السابق، كما ان علاقته مع الرئيس ميشال سليمان في نهاية ولايته كانت مفاجئة للحلفاء قبل الخصوم.

اما اليوم تضيف الاوساط فإن اللقاء مع اللواء جميل السيد بعد طول قطيعة تضيف الى ملف جنبلاط الحافل بالمفاجآت، مفاجأة اخرى خصوصاً ان البيك قال كلاماً عنيفاً ضد الضباط الاربعة وعائلاتهم، كذلك فان لقاءه مع قائد الجيش العماد ​جان قهوجي​ حصل بعدما اعترض الزعيم الاشتراكي على قائد الجيش قبل توليه القيادة، وكان من اشد المعارضين، لانه يعتبر ان قهوجي ابن منطقته، وبالتالي نشأت معارضة واضحة انتهت بالقبول، كذلك فان معارضة جنبلاط لوصول قهوجي الى الرئاسة لم تمنع من حصول اللقاء بينهما في الايام الماضية، الامر الذي قد يمهد الى تأييد جنبلاطي لقائد الجيش، لان الاخير يمتلك المواصفات المطروحة لدى الزعماء الموارنة، بأن الرئيس يجب ان يكون قوياً وذا شعبية وطنية يتحلى بها كل قائد للجيش.

من هنا اكدت مصادر مقربة من النائب وليد جنبلاط ان الحوار في الاساس يجري عادة بين الخصوم وليس بين الحلفاء، من هذا المنطق كان اللقاء مع اللواء جميل السيد، وهو يختلف تماماً في الجوهر والمضمون وبعيد بالمقارنة عن اللقاء الذي حصل مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، لان هناك تواصلاً مع الاخير وبالطبع هناك ملاحظات من زعيم المختارة لم تكن سرية، في ما يتعلق بعدم حماسه لتولي قائد الجيش رئاسة الجمهورية ولكن هذا الامر لا يعني رفضاً، وان اللقاء كان مطروحاً قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وان الحاج جميل بيرم طرح هذا الامر منذ وقت طويل، لكن الظروف حالت دون هذا اللقاء لمجموعة من الاسباب، اولها يتعلق بسفر النائب وليد جنبلاط وانشغالاته، وكذلك بالنسبة للعماد جان قهوجي الذي يتحمل الكثير من المهام خصوصاً في هذا الوضع الامني الحساس.

واشارت المصادر الى ان النائب جنبلاط لم يعلن موقفاً رافضاً، كما ان العماد قهوجي لم يعلن موقفاً سياسياً او رغبة في الترشح للرئاسة، وهنا نستطيع القول ان اللقاء كان لإماطة اللثام عن بعض الغبار الذي شاب العلاقة في الفترة الماضية، وقد يكون قد اسس لمرحلة جديدة ربما يكون فيها تعاون، وبالاضافة الى المسألة السياسية هناك مسألة وطنية، في الدرجة الاولى تتعلق بتدعيم موقف الجيش بعد الهجمة عليه، سواء كان من عرسال او من طرابلس او غيرها، وان البيك قصد من هذا اللقاء، التأكيد على الوقوف الى جانب الجيش بكل الامكانيات وهذا هو الجانب الآخر من اللقاء.

اما بالنسبة للقائه مع اللواء السيد، فقد اكدت المصادر ان ملاحظات الاخير هي ما زالت المعبر الحقيقي عن خلفيات ما كان يطلق عليه النظام الامني اللبناني - السوري، وهو اكثر من عبر عن خلفيات هذا النهج وتوجهاته، وما زال للسيد تواصل مع القيادة السورية وهو ليس بسر، وقد يكون النائب جنبلاط قصد من هذا اللقاء ايصال رسائل نصح اذا صح التعبير بعدم الاكمال بهذا الجو من المغامرات المخيفة في المستقبل، كما ان الملفات الداخلية اللبنانية كانت لها حيز في هذا اللقاء.

اما في ما يتعلق بمن له الدور في حصول اللقاء مع السيد فأشارت المصدر الى ان جنبلاط عندما يكون له موقف او رؤية معينة، فهو لا يحتاج الى مبادرات او وسطاء، بل يبادر مباشرة خصوصاً ان هناك معرفة سابقة وعميقة بين الرجلين في الماضي، والجميع يذكر الكلام الشهير الذي قيل عن لسان اللواء السيد عندما ازيل ما سمي بالحواجز الجديدة من محيط منزل النائب جنبلاط في كليمنصو، فكان اللواء السيد حينها يتحدث الى جنبلاط باسم الرئيس اميل لحود وباسم الرئيس بشار الاسد، وهو نقل اليه رسالة من الرئيسين.