بعدما سدت ابواب الحوار والتفاهم بين الموارنة على مرشح لرئاسة الجمهورية اعلنت بكركي إحباطها ويأسها مما وصل اليه ملف الانتخابات الرئاسية واطلقت بكركي بحسب مصادر مسيحية نداءات استغاثة الى الأقطاب الموارنة ولكن عبثاً فلكل فريق حساباته الخاصة وقناعاته وطريقته في مقاربة الملف الرئاسي ووجهة نظره في الحفاظ على الموقع الأول للموارنة، فإذا بالبطريرك الذي شعر بالاحباط والفشل يتوجه الى زعماء «داعش» علَ هؤلاء يسمعون لغبطته اكثر من زعماء الموارنة، هذه الدعوة التي لا تزال تحظى بتعليقات ومثار جدل بين المنتقدين لدعوة الراعي لبرابرة ووحوش يقومون بالتنكيل بالمسيحيين وقتلهم وتهجيرهم من ارضهم، وبين الداعمين لكل خطوات الراعي ومواقفه، وفيما يعتبر المقربون من بكركي ان الراعي من موقعه الكنسي لا يمكن ان يتكلم إلا بلغة المحبة والحوار فلا يمكن مثلاً ان يدعو الى قتال داعش ومعاملتها بالمثل، كما ان الراعي الذي يدعو داعش الى الحوار فانما لا يعفيها من تصنيف العدو الباطش او الخصم المجرم الذي يفترض الحوار معه لمعرفة شروطه والتفاوض معه للحفاظ على الأقلية المسيحية المتواجدة وحيدة في بقعة تضم ألوف الإرهابيين، فان من ازعجتهم لغة الراعي الأخيرة يتساءلون على اي اسس يمكن ان يقوم الحوار مع مجرمين وقتلة وما هو جوهر هذا الحوار والنقاط المشتركة التي سيقوم عليها.

ولكن ما بين بين سطور الدعوة المثيرة للجدل منذ اطلقها الراعي تقول المصادر المسيحية ان الراعي المنزعج من النهاية المأساوية للاستحقاق الرئاسي اختار ان يتوجه نحو «داعش» لإدراكه وقناعته بان الحوار مع الارهابيين والبرابرة اهون من حوار الموارنة انفسهم. وربما قصد الراعي المتخوف من بطش «داعش» بالمسيحيين بالعراق حيث يعمل «تنظيم الدولة الإسلامية» في العراق على تطهير الموصل من كل المسيحيين فيها بان تنتقل العدوى الى الداخل اللبناني حيث تكثر السيناريوهات المتداولة عن حشود لـ«داعش» في جرود عرسال وعن مخططات إرهابية لمهاجمة قرى وبلدات مسيحية وشيعية في مناطق البقاع والشمال خصوصاً ان ثمة بيئة حاضنة في طرابلس وعكار والبقاع الغربي للتطرف الإرهابي المحكى عنه.

وبالمؤكد فان سيد بكركي بحسب المصادر المسيحية المقربة من بكركي الذي يعتبر ان الأمور تكاد تفلت عن السيطرة على الساحة المسيحية بعدما وصلت المساعي التي بذلها الصرح الى نقطة الصفر وفي ظل تعنت الزعماء الموارنة وتمسكهم بنظرية «الرئاسة لا تصلح إلا لي» فان بكركي التي ترى ان الاستحقاق خرج من تحت عباءتها وصار لا يمكن ضبط الاقطاب الموارنة على إيقاعها الرئاسي وخصوصاً ان ثمة ترابطاً بين الاستحقاق اللبناني وما يجري من احداث وخربطة في العلاقات الدولية وبين الدول المؤثرة في الاستحقاق الرئاسي، وعليه فان الراعي اختار في هذه اللحظة الحاسمة التي تشهد تطهيراً عرقياً لمسيحيين ان يطلق موقفاً متمايزاً عن رجال الكنـيسة للحوار مع القتلة ومحطمي الصلبان ومدنسي الكنائس عل هذا الحوار يكون اجدى من الحوار مع الموارنة الذين اوصلوا الاستحقاق الى نهايته الدراماتيكية وقد صار واضحاً ان الشغور مستمر لأمد طويل وهذا ما حتم على الحكومة ان تلتئم لإنجاز التعيينات والاتفاق على الملفات الساخنة التي شهدت مناكفات وتم تعطيله لأشهر وسنين وعجزت عنها الحكومات السابقة، ولعل في هذه الخطوة إشارة فهمتها بكركي جيداً وهي ان الاستحقاق الرئاسي سيبقى مؤجلاً ومعطلاً الى وقت طويل.

مصادر مسيحية مصدومة من دعوة الراعي الى حوار «داعش» تؤكد ان احباط سيد بكركي من الزعماء الموارنة لا يبرر له ابداً دعوة من يقتل ويذبح وينكل بالمسيحيين الى الحوار، أنسيَ البطريرك ان السيد المسيح هدّم الهيكل على رؤوس الفريسيين وقال لهم: «بيتي بيت الصلاة وانتم جعلتموه مغارة لصوص».

وتقول المصادر صحيح ان السيد المسيح علّمنا المحبة والمغفرة وهذا ما يقوم عليه الايمان المسيحي، الا ان في اوقات كثيرة وبحسب الاناجيل الاربعة، كان يسوع ينادي الفريسيين بـ«ابناء الافاعي» حيث كانوا يتاجرون باسمه وبافعاله، واشارت المصادر ان «تبرير الراعي بحواره مع «داعش» غير صحيح ابداً، فمن سيُحاور من لا دين له، والدين الذي يتبعه لا يعرف الا القتل والذبح والصلب والنكاح..