حين تصدر المذكَّرة الإدارية عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالتعطيل لمناسبة العيد فإنَّ الملاحَظ أنَّ الجميع يلتزم بها ما عدا... مجلس الوزراء.

فالمذكرة قضت بالتعطيل لثلاثة أيام، الإثنين والثلاثاء والأربعاء، والعودة إستطراداً إلى العمل يوم الخميس، لكن الجميع عادوا إلى العمل ما عدا مجلس الوزراء إذ بقي في عطلةٍ وتعطيل ربما في إجازةٍ مفتوحة، فلا موعد لجلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع ولم تُحدَّد جلسةٌ في الأسبوع المقبل.

مجلس الوزراء لا يجتمع ليس لأنَّ لا بنود يبحثها بل لأنَّه يُمعِن في التعثُّر في معالجة هذه البنود، فمن أين يبدأ؟

في قضية الرواتب توصَّل إلى فذلكة تخدُم شهرَي آب وأيلول بعدما خدمت شهر تموز، وهو يعتمد أنَّه في تشرين الأول يخلق الله ما لا تعلمون، وهكذا فالإتكال ليس على ما سيبتكره الوزراء.

إنَّ القضايا المتراكمة باتت أكبر من حكومةٍ لا تجتمع إلا عَرَضاً فيما المشاكل تكاد أن تكون يومية، فماذا حقَّقت هذه الحكومة منذ تسلّمها صلاحيات رئيس الجمهورية؟

قد لا يأتي الجواب سريعاً قبل أن يعود السادة الوزراء من إجازاتهم، التي ربما تمتدُّ إلى الأسبوع المقبل أي الأسبوع الأول من شهر آب.

أما العقدة الكأداء التي ستواجه الجميع فهي آلية التمديد لمجلس النواب، فالمجلس الحالي تنتهي ولايته الممدَّدة في العشرين من تشرين الثاني المقبل، أي أنَّ الإنتخابات يُفتَرض أن تبدأ في العشرين من أيلول المقبل، أي قبل شهرين من إنتهاء الولاية، فأيُّ إنتخابات ستجري بعد خمسين يوماً؟

التمديد للمجلس هو أهون الشرور ولكن كيف سيتم؟

وفي حال تمَّ توفير المخرج التشريعي له فكيف سيصدر قانون التمديد من دون توقيع رئيس الجمهورية عليه؟

وإذا لم يكن ممهوراً بتوقيع رئيس الجمهورية أليس من السهل الطعن فيه؟

هذه واحدة من القضايا المعقّدة التي لم يتطرق إليها أحدٌ حتى الآن لأنها تُشكِّل سابقةً، فالمعضلة هي بين مجلس نيابيّ مضطرٍ إلى التمديد لنفسه لأنَّ لا إمكانية لإجراء الإنتخابات، وبين مخالفة دستوريّة حيث أنَّ التمديد لن يكون ممهوراً بتوقيع رئيس الجمهورية، فكيف سيتمُّ إيجاد حلٍّ لهذه المعضلة؟

ربما لهذا السبب تتحاشى الحكومة مقاربة هذا الملفّ الشائك، لأنَّها تعرفُ أنَّها لا تحمل حلاً سحرياً له، بل هي تنتظر الظروف مثلها مثل سائر المعنيين بهذه الملفات.

وحين زار النائب وليد جنبلاط الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أهداه كتاباً للمؤرِّخ البريطاني جيمس بار عن مرحلة بلورة سايكس بيكو في مطلع القرن الماضي التي وزّعت مناطق النفوذ بين بريطانيا وفرنسا ورسمت حدود الدول، فهل قصد جنبلاط من وراء هذا الإهداء أن يوحي بأنَّ ما يجري في المنطقة أخطر مما يتمُّ تداوله؟

جاء الجواب من جنبلاط نفسه إثر لقائه الرئيس بري وقوله:

ليطمئن بالُ المحروقين على الرئاسة والمتمترِّسين في مواقعهم من بعض الأفرقاء المسيحيين، لم نبحث في الرئاسة فالعنوان هو غزة.

هكذا، بين تمديد مشوب بمخالفة دستورية لمجلس النواب، وحكومة متعثِّرةٍ وإنتخابات غامضة لرئاسة الجمهورية، تبدو الجمهورية في شبه فراغ مثلَّث الأضلاع من دون أيِّ مؤشرٍ إلى الخروج منه في المدى المنظور.