شرف... تضحية... وفاء.. شعار ​الجيش اللبناني​، تجسّد على أرض الواقع، وتعمّد بالدم القاني في سبيل المحافظة على أمن واستقرار لبنان، وهو ما يُقرُّ به الجميع في الداخل وإقليمياً ودولياً، بأنّ المؤسّسة العسكرية هي خشبة الخلاص الوحيدة للبنان في مواجهة الرياح العاتية، حيث تؤكد الدول المعنية دعمها للمؤسّسة العسكرية، والتي تجلّت عبر تقديمات في مقدّمها من المملكة العربية السعودية، مع الحرص على استقرار لبنان...

تحلُّ الذكرى التاسعة والستون لعيد الجيش هذا العام بغياب الاحتفال الرسمي المركزي الذي يُقام بالمناسبة، وذلك في ظل:

- شغور رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان (25 أيار 2014) وعدم انتخاب مجلس النوّاب رئيساً جديداً جرّاء الانقسام الحاد بين القوى المؤثِّرة في هذا الاستحقاق.

- ارتفاع حدّة الخطاب السياسي الذي تجاوز التراشق الكلامي بين السياسيين والذي طال "قنصه" المؤسّسة العسكرية.

- التصدّي للعدوان الإسرائيلي وخروقاته واعتداءاته.

- استهداف حواجز للجيش بعمليات إرهابية انتحارية أدّت إلى سقوط شهداء وجرحى في صفوفه.

وبذلك فإنّ المؤسّسة العسكرية المستهدفة من قِبل العدو الإسرائيلي عبر شبكاته التجسّسية والخلايا الإرهابية، والانقسام السياسي الحاد، جعل الجيش بحاجة إلى جهوزية وتكثيف إجراءاته، وهي ظروف أصعب بكثير من مراحل سابقة مرَّ بها لبنان، ومنها تداعيات الحرب العبثية بعد أحداث العام 1975، والتي أدّت إلى انقسام حاد "تشظّى" منه الجيش، والظروف التي نعيشها الآن تُنذِر بعواقب صعبة في ظل استمرار الانقسام بين السياسيين ودعوات البعض بالانشقاق عن الجيش، لكن ما حال ويحول دون ذلك، هو العقيدة الراسخة التي أرسى دعائمها قائد الجيش العماد جان قهوجي، حيث انصهرت كل مكوّنات المجتمع اللبناني في بوتقة وطنية ما أدّى إلى إفشال المخطّطات المشبوهة، إذ آل قائد الجيش على نفسه ثلاثة أمور ليتم تنفيذها، وهي:

- أولاً: الدفاع عن الوطن بالدرجة الأولى ضد "إسرائيل"، عدو لبنان، والحفاظ على بقية الحدود، وهذا ما قمنا به.

- ثانياً: موضوع الإرهاب، وقد أخذتُ عهداً على نفسي بألا يفلت قاتل عسكري من المحاسبة، وقد ضبطنا الكثير من الخلايا الإرهابية وتمّت ملاحقة خلايا أخرى.

- ثالثاً: مساعدة قوى الأمن في الداخل، لحل المشكلات الأمنية.

وقد تجاوز الجيش بفضل حكمة قائده ومناقبيته التي يشهد له بها الجميع العديد من الفتن والمطبّات التي ضربت لبنان، ونجح في تفكيك الألغام في مهام جسام، وذلك قبل انفجارها، ولعل توقيف شبكات التجسّس الإسرائيلية والخلايا الإرهابية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، جنّب لبنان تداعيات ارتدادات أحداث تجري في المنطقة المستفيد الأول منها هو العدو الإسرائيلي...

وأنتَ تجلسُ إلى العماد قهوجي، تشعر بمدى المهام الجِسام في هذه المرحلة الدقيقة، لكنه يؤكد أنّ الجيش يتمتّع بالجهوزية الكاملة للرد على أي اعتداء إسرائيلي، ولن يخضع لأي تهديد، ولن يسكت عن أي استهداف، وكل عمل عدواني سيُقابل بالمثل، وسيكون التصدّي له فورياً...