يردد الرئيس بري أمام زواره مؤخراً أن لبنان تحيطه النيران من كل جانب، وان حدودنا «مزنرة» بالاشجارالتي للأسف بعضها يحمل اوراقاً واغصاناً يابسة قابلة للاشتعال ما يهدد امتداد النار الى الداخل. لذلك علينا استدراك هذا الخطر والعمل على تحصين انفسنا ومعالجة ملفاتنا ومشاكلنا التي يمكن ان تساعد في توسع هذه النار.

ويتحدث رئىس المجلس عن هذا الواقع في معرض كلامه عن الأزمة القائمة لا سيما جراء عدم انتخاب رئىس الجمهورية حتى الآن، مكرراً القول انه جاهز للدعوة الى جلسة انتخابية في اي لحظة لكن المهم تأمين نجاح مثل هذه الجلسة والوصول الى الغاية المنشودة، اي انتخاب الرئيس الجديد.

ويرفض بري، كا ينقل زواره، الدخول في تصنيف الرئىس ومواصفاته او في الحديث عن الاسماء المطروحة وغير المطروحة، مؤكداً في الوقت نفسه انه قام ويقوم بواجبه كاملا بصفته رئىساً للمجلس ان كان على صعيد تحمل مسؤولياته الدستورية او على صعيد محاولة الوصول الى مقاربة إيجابية تجاه هذا الاستحقاق، لا بل انه حاول اجراء استشارات نيابية مؤخراً حول الرئاسة والانتخابات النيابية لكنه وجد ان المناخ العام واجواء الكتل غير مشجعة فتراجع عن هذه الفكرة يقيناً منه ان مثل هذه الاستشارات في هذه الحالة لن تكون مجدية وايجابية، بل يمكن ان توسع السجال حول الموضوع من دون طائل.

ويؤكد زوار عين التينة ان لا شيء جديداً على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لا بل انه لم تظهر اي اشارة يمكن ان تدل على تغيير في الاجواء او حصول معطيات يمكن ان تساهم في حسم هذه القضية الاساسية قريباً.

ويدرك الرئيس بري، كما ينقل الزوار حجم انعكاس عدم انتخاب الرئيس الجديد على عمل باقي المؤسسات والوضع العام في البلاد، لذلك حرص في اليومين الماضيين على التركيز مرة اخرى على اولوية معالجة وحسم هذا الاستحقاق قبل اي شيء آخر، لأن ذلك لن يساهم في دفع عمل المؤسسات الاخرى الى الأمام فحسب بل سيساعد على تعزيز سبل وادوات مواجهة امتداد الاحتراق او النار الخارجية الى الداخل، لأن هذه المواجهة لا تعتمد او تقتصر على العمل الأمني بل هي بحاجة الى استقرار سياسي وانتظام عمل الدولة.

وفي ظل هذا الواقع القائم الذي لا يبشر حتى الآن بانتخاب رئىس جديد قريباً، تزداد الاسئلة حول مصير الاستحقاق الانتخابي الثاني الذي اخذ يقترب اكثر فأكثر، اي الانتخابات النيابية. ويبدو وبحسب مصادر نيابية ان لا اجوبة صريحة وواضحة حول هذا الموضوع، غير ان التمديد للمجلس يبقى الخيار المرجح ليس بسبب «اللغز الدستوري»، الذي سيكون حاضراً وقائماً بقوة إذا ما انتخب المجلس من دون انتخاب رئىس الجمهورية، بل أيضاً بسبب الظروف الأمنية الداخلية والمحيطة التي تزداد ضغطا على البلاد، وتزيد التعقيدات العملية في وجه اجراء العملية الانتخابية في كل لبنان.

ويضاف الى هذين السببين سبب ثالث لا يقل اهمية يشجع على التمديد، وهو ان شلل المجلس وضعفه في ضوء المقاطعة التي يمارسها هذا الفريق او ذاك يجعلان القرار عمليا محصوراً بتوافق القيادات والاطراف الاساسية، بحيث باتت البلاد محكومة من قبل ما يشبه مجلس قيادة أو مجلس حكم غير معلن، مع العلم أن كل الاطراف والقيادات الاساسية المعنية تؤكد رفضها لمثل هذا التوصيف او التوجه، وتردد ايضاً انها ليست مع التمديد للمجلس ولا تسعى إليه.