لا شبهة أن ما يحصل اليوم في غزة إبادة جماعية تقوم بها العصابات الصهيونية على مرأى ومسمع من العالم الذي يعدّ نفسه متحضراً ومدافعاً عن حق الإنسان في الأمن والسلم والكرامة.

سقطت جميع الادعاءات الكاذبة التي تسوقها بعض الدول المتجبرة أمام دماء الأطفال وأشلائهم في غزة. هل من شك في أن ما يحصل من فظائع بشعة وجرائم وحشية هو ضد الإنسانية، يُفترض أن يعاقب عليها كلّ من يقوم بها سواء كانت دولاً أو جماعات أو أفراداً.

لكن يبدو أن العقاب لا يطول إلاّ الدول التي تصنفها أميركا بكونها دولاً مارقة، وإلاّ الجماعات التي تصنفها أميركا على لائحة الإرهاب، وإلاّ الأفراد الذين لا تحبهم أميركا.

المجازر «الإسرائيلية» لم تتوقف لا عشية العيد ولا في يومه، والهدنة الإنسانية التي أرادتها «إسرائيل» كانت تهدف دوماً إلى تجريد الفلسطينيين من سلاح المقاومة وإبقاء المبادرة في يد جيش العدو.

هل سنبقى نقول ونردّد دائماً إن ما يحصل من مجازر ضد الفلسطينين هو انتهاك فاضح للقرارات الدولية، وهو تحدٍ للإرادة الدولية، وهو أمر تعاقب عليه المحاكم الدولية؟ ذلك مما حفظناه وحفظه أغلب العرب والفلسطينين، ولكن هذا الأمر لا يغيّر في القضية شيئاً. العدوان سيبقى على حاله، والحصار سيشتدّ ليصبح أشدّ قسوة. والهمجية «الإسرائيلية» لن تبالي بطفل ورضيع وامرأة ومسنّ، واستخدام الأسلحة المحرمة لن يتوقف ولن يعاقب أحد «إسرائيل»، ولن يردعها لا أمم متحدة ولا منظمات حقوقية ولا سائر السلطة المعنوية لرجال وعلماء الدين من أقطار الأرض كافة.

لن يردع «إسرائيل» غير المقاومة. لن يُوقف أنين الأطفال وانتحاب النساء وصراخ الثكالى غير المقاومة. إن التعويل على العالم المتحضّر وعلى البيانات التي تصدر من هنا وهناك هو تعويل على سراب.

إنّ «إسرائيل» تُمنح تفويضاً بعد تفويض لتوسيع الاستيطان وتشديد الحصار وصولاً إلى يوم تعلن فيه قيام «الدولة اليهودية» بعدما حققت في عام 1948 حلم إنشاء «الدولة الإسرائيلية». والعالم صامت والعرب منهزمون أو مشاركون، بينما يتمّ تجاهل خيار المقاومة كخيار أصيل للدفاع عن الأمة. ويأتي قرار السيد علي الخامنئي بضرورة تسليح الشعب الفلسطيني في الضفة في إطار عمل تصاعديّ يهدف إلى فرض معادلة جديدة على العدو. فما عاد في الإمكان القبول بشروط متواضعة، وما عاد في الإمكان الصمت إزاء تخاذل العرب والمسلمين. فلنسلّح جميعاً أهلنا في الضفة كي يستطيعوا مقاومة العدو لا بالحجارة فحسب إنما بالبندقية والصاروخ.

فليس مقبولاً من مصر أن تواصل إقفالها المعابر ومنع المساعدات عن الفلسطينين.

إنّ دور مصر الحقيقي هو تأجيج انتفاضة الشعب الفلسطيني في الداخل عبر مدّه بأسباب القوة العسكرية كلّها، وبالتالي الانتقال من مرحلة الدفاع عن القضية إلى مرحلة التحرير. وما ذلك على المقاومين والشرفاء بعزيز.