حيث لا يجرؤ الآخرون، يحضر النائب ​نقولا فتوش​، الرجل جاهز دائماً ليعبّر عمّا تخجل به الكتل النيابية المختلفة، على ضفتي قوى الثامن والرابع عشر من آذار، وليقدم لها إقتراح القانون الذي يفضح ما تضمره في نفوسها دون أن يحرج أياً منها، لا سيما أن "المحامي" غير محسوب على كتلة معينة.

في المرة الأولى، كان الجميع يرفض تمديد ولاية المجلس النيابي في العلن، ويؤكد ضرورة حصول الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري، لكن مع مرور الوقت تبين أن هذا الأمر غير ممكن من الناحية العملية، فخرج "أرنب" ​التمديد​ من "قبعة" فتوش، واليوم تُصر الكتل على تكرار السيناريو نفسه، وحكماً سيكون الفتّوش حاضراً أيضاً حيث لا يجرؤ الآخرون هذه المرة أيضاً.

هكذا، تقدّم النائب فتوش باقتراح القانون المنتظر منذ مدة، في ظل المواقف العلنية المتضاربة لأغلب الكتل، فهي لا تريد أن تقول صراحة أنها مع التمديد، بل هي ترفض ذلك، إلا أنها تضيف على ذلك عبارة: "ولكن"، التي تكشف ما هو مستور.

وفي حين تشير أغلب الأوساط إلى أن مؤيدي هذا الخيار يستندون بشكل أساسي إلى كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من عين التينة لدى زيارته رئيس المجلس النيابي نبيه بري، يؤكد عضو كتلة "المستقبل" النائب ​عمار حوري​، في حديث لـ"النشرة"، أن المشروع لم يبحث في الكتلة بعد، لكنه يلفت إلى أن موقف الكتلة واضح عبّر عنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس الكتلة النائب فؤاد السنيورة أكثر من مرة، وهي في ظل الشغور الرئاسي لا تفضل الذهاب إلى أي إستحقاق آخر، أي أن الكتلة لن تذهب إلى الإنتخابات النيابية قبل إنتخاب رئيس جديد.

بالنسبة إلى حزب "القوات اللبنانية"، الأولوية الآن هي للإستحقاق الرئاسي، لا يشجع التمديد ولكن على الصعيد الإنتخابي يريد الرئاسة أولاً، بحسب عضو كتلة الحزب النائب ​شانت جنجنيان​، الذي يتخوف، في حديث لـ"النشرة"، من أن يؤدي إجراء الإنتخابات النيابية في ظل الشغور الرئاسي إلى فراغ جديد على مستوى الحكومة، وعندها تدخل كل المؤسسات الدستورية في دوامة الفراغ، إلا أنه يشدد على أن المطلوب إجراء الإنتخابات الرئاسية والإنتقال إلى وضع قانون انتخابي توافقي ومن ثم الذهاب إلى الإستحقاق النيابي.

أما حزب "الكتائب"، فيؤكد النائب عن كتلته ​فادي الهبر​، في حديث لـ"النشرة"، أن الحزب "ضد عقله التمديد"، ويشدد على أنه يشجع على إنتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن عبر الضغط على المعطلين من أجل الخروج من الأزمة الحالية، ويشير أيضاً إلى أن التمديد يؤدي إلى إلغاء النظام الديمقراطي البرلماني، خصوصاً أن المجلس النيابي الحالي معطل، لكنه يلفت إلى عدم القدرة على التحرك في ظل غياب الرئيس.

في الجهة المقابلة، لم تحسم قوى الثامن من آذار موقفها بشكل نهائي، باستثناء "التيار الوطني الحر"، الذي طعن بالتمديد الأول أمام المجلس الدستوري، ويؤكد عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب حكمت ديب، في حديث لـ"النشرة"، رفض كل أشكال التمديد لكل المواقع الدستورية، ويرى أنه "لو سمعوا منا في المرة السابقة لربما كانت الظروف السياسية والأمنية أفضل من الآن"، ويضيف: "نحن غير معنيين ولن نشارك بهذا الأمر"، لافتاً إلى الحاجة لـ"قانون انتخابي جديد لأن الأمر أصبح من الأولويات التي عليها يتوقف تجديد الطبقة السياسية"، وفي جميع دول العالم عندما يكون هناك أزمة يتم اللجوء إلى الإنتخابات من أجل المشاكل، لكن في لبنان يتم الهروب عبر اللجوء للتمديد.

من جانبه، يؤكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ​قاسم هاشم​، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الخيار لم يبحث داخل الكتلة، ويضيف: "في المبدأ نحن ضد التمديد"، ويشير إلى أن البعض يستغرب هذا الخيار لكن بري عبّر عن موقف الكتلة بشكل واضح، إلا أنه يلفت إلى أن الموضوع يبقى مرتبطاً بالظروف الأمنية التي ستكون قائمة، أي أن الكتلة لن تمانع الذهاب إلى هذا الخيار إذا كان الوضع الأمني لا يسمح باجراء الإنتخابات.

بدوره، يؤكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​كامل الرفاعي​، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الموضوع لم يبحث لا سلباً ولا إيجاباً داخل الكتلة، وبالتالي حتى الساعة ليس هناك من قرار حاسم، إلا أنه يلمح إلى كلام وزير الداخلية والبلديات عن الوضع الأمني، ليشير إلى أن هذا الأمر قد يكون خياراً مطروحاً على بساط البحث في الأيام المقبلة.

في المحصلة، بات التمديد أمراً محسوماً، وستكون الأوضاع الأمنية والشغور الرئاسي على رأس الأسباب "الموجبة" التي ستُطرح، من دون أن يتنبه نواب الأمّة إلى أنهم لم يقدموا أي شيء يذكر خلال الفترة الأولى، وحكماً لن تتبدل الأوضاع كثيراً في الثانية.