فرضت التهدئة الإنسانية التي توافقت عليها الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة الجانب المصري واقعاً جديداً لدى الفلسطينيين في قطاع غزة وخصوصاً النازحين من المناطق الشرقية الحدودية لقطاع غزة، إذ سمحت لهم بالعودة إلى منازلهم التي دُمرت وتفقد حاجياتهم، هذا إن وجدوها، ومن ثم الذهاب إلى مراكز الإيواء مرة ثانية مع انتهاء مدة التهدئة، إضافة إلى كونها أوجدت حالة ترقب لدى الفلسطينيين الذين تتجه عيونهم صوب القاهرة التي تشهد مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لما يمكن أن تسفر عنه.

وتدخل اليوم مفاوضات التهدئة جولتها الحاسمة في العاصمة المصرية القاهرة، وينظر إليها الفلسطينيون على أنها الجولة الأهم وربما تكون الفاصلة في ما يتعلق بتوقيع اتفاق وقف إطلاق نار دائم، وتحقيق مطالب المقاومة، في وقت تنتهي التهدئة التي استمرت لخمسة أيام منتصف هذه الليلة.

نزوح جديد..

عائلة أحمد التي دمّر الاحتلال الاسرائيلي منزلها شرق مدينة خان يونس، ولجأت إلى مراكز الإيواء التي فتحتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" تعيش ظروفاً قاسية ومعاناة جديدة تبدأ مع انتهاء مدة التهدئة.

تقول الأم فتحية التي تحتمي الآن في أحد مراكز الإيواء لـ"النشرة": "مع الإعلان عن تهدئة جديدة، نذهب إلى منزلنا الذي دمره الاحتلال شرق خان يونس، نتفقد حاجياتنا ونحاول أن نبحث عن أي شيء من مستلزمات منزلنا وملابسنا، وننصب خيمة صغيرة نجلس فيها لأيام فوق ركام البيت المدمر، ولكن مع انتهاء مدة التهدئة، نعود أدراجنا إلى مراكز الإيواء تحسباً من تعرض المنطقة إلى قصف إسرائيلي جديد".

وتضيف: "وضعنا صعب وحالنا مأساوي، نحن نريد تهدئة ووقف لإطلاق النار لكن بمطالبنا التي هي أبسط حقوقنا، فمن غير المعقول أن نعيش ظروفاً قاسية هكذا".

وبلغ عدد الفلسطينيين النازحين في مراكز إيواء "أونروا" 229,872 نازح يلتجئون في 81 مدرسة تابعة لـ"الأونروا"، ومن المتوقع ارتفاع عدد النازحين فور انتهاء مدة التهدئة منتصف هذه الليلة.

تخوّف وانتظار..

ويقول المواطن صدقي العايدي وهو من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، إنه وعائلته التي تشردت من منزلهم في بلدة القرارة شمال خان يونس، ينتظرون ما يمكن أن تؤول إليه مباحثات القاهرة، معبراً عن أمله في أن تسفر عن نتائج حقيقية وفاعلة كما يريدها الفلسطينيون.

وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح العايدي أن حالة الانتظار بين كل تهدئة وأخرى تجعلهم يعيشون في وضع نفسي غير مستقر، ويقول: "نحن نريد أن تعود الحياة إلى طبيعتها وتفتح المعابر، ويُفك الحصار عنا، عانينا الكثير وقدمنا الشهداء وضحينا بكل شيء من أجل أن نعيش بحرية وكرامة، وعلى الاحتلال أن يرضخ لشروطنا".

حال أسرة المواطن العايدي كحال الكثيرين من العائلات التي تشردت من المناطق الشرقية الحدودية مع قطاع غزة، ففور انتهاء مهلة التهدئة، يعودون إلى مراكز الإيواء مرة ثانية، تحسباً من إمكانية حدوث تصعيد إسرائيلي جديد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ووفق المصادر، من المتوقّع أن تسفر المباحثات في القاهرة عن اتفاق رسمي ونهائي يفضي الى وقف دائم لإطلاق النار والاتفاق على مجمل القضايا المطروحة، أو العودة إلى الهدوء مقابل الهدوء، أو ربما موافقة جميع الأطراف على استمرار التهدئة في قطاع غزة، إلى حين التوصل إلى اتفاق.