يبدو أن بعض الشركات الأمنية التي تعمل على تأمين "المرتزقة"، باتت تستغل هي أيضاً الإنترنت من أجل تحقيق أهدافها، وذلك من خلال إغراء المستخدمين بالحصول على مبالغ مالية طائلة من وراء هذا العمل، من دون أن تتولى أي جهة رسمية دولية متابعة هذا الموضوع بطريقة علنيّة، على الرغم من أن الشركة واضعة الاعلان تؤكّد أنها لا تعمل ابدا على القتال من اجل الآخرين وانما على التدريب العسكري واعطاء الادوات العسكرية للجهة التي تطلب ذلك بما فيها الدول. وما يلفت نظر قارئ الاعلان هو اللغات المطلوبة، ومواضيع التأهيل العسكري التي تشمل: دورات تدريبية وتمارين اللياقة للجنود الجدد، حرب القرى والمدن، حرب الغابات والمساحات المفتوحة، استخدام الاسلحة المتنوعة، قيادة القوات المحاربة على الارض، استخدام انظمة الاتصالات المتقدمة اضافة الى الادارة اللوجستية للقوات المقاتلة.

اما الخطورة في الموضوع، فهي جملة قد يمر عليها البعض مرور الكرام، لكنها تستأهل التوقف عندها والتأمل بها مليا، وهي تأتي في سياق تعريف القيمين على الموقع على دورهم فيقولون: "... لقد اشتركنا في السنوات الاخيرة في تدريب القوات العسكرية في افريقيا وقمنا بالعمل من قبل الدول وحتى من قبل المجموعات التي كانت بحاجة الى خبرتنا المهنية".

هذا الامر يتضمن اعترافا واضحا بأن دولا استخدمت "مرتزقة" ومجموعات عسكرية لا تنتمي الى جيشها، للقيام بمهام عسكرية قد تكون داخل اراضي هذه الدول او خارجها وهو امر غير مقبول بتاتا، لانه يسمح للدول بالقيام بما تريد وتغيير ما تريد تغييره من معادلات ميدانية، دون ان يُعرف انها متورطة بشكل مباشر في المسألة.

وفي ظل هذا العالم المتفلت من أي رقابة، لا يعود غريباً أن يظهر على بعض المواقع شريط تحت عنوان: "مطلوب ذوي خبرة من أجل إعطاء التدريب العسكري في ​أفريقيا​"، وهو قد يجر بعض الشباب إلى الإنخراط فيه بسبب الأحوال الإقتصادية والإجتماعية الصعبة.

وفي التفاصيل التي يعرضها موقع خاص يستخدم خدمة "google sites": "المطلوب عناصر ملائمة ذات خبرة ترغب في التحدي الشخصي والتجربة الخاصة والمكسب المالي المحترم من أجل مشروع خاص بالتدريب العسكري في أفريقيا"، و"يطلب من الملائمين التعهد بعقد عمل لفترة 3 شهور على الأقل مع امكانية التمديد".

ويشير الموقع إلى أنه "إلى جانب الوظائف التي تفرض العمل في أفريقيا نعرض مؤخراً العدد المحدود من الوظائف في أماكن أخرى وفقاً للمؤهلات الشخصية"، كاشفاً أن "العمل يتم في محيط دولي مع مدربين آخرين من ذوي الخبرة العسكرية بمختلف الرتب ومن الدول المختلفة في العالم".

ويضيف: "نعرض على من ينجح في عملية الإفراز شروط عمل ممتازة، وفيما اذا تم ارسال العنصر إلى أفريقيا فنقوم بتغطية نفقات الرحلة والسكن والنفقات المترتبة على ذلك، وذلك بالاضافة إلى الحوافز والمكافآت التي سيتم منحها للعاملين المتفوقين أو وفقا للأقدمية في العمل".

ويكشف الموقع أن الجهة التي تديره تبحث عن "ذوي التأهيل العسكري والخبرة مع الأفضلية لخريجي القوات الخاصة أو ذوي الخبرة المثبتة في القتال"، وعن "ذوي القدرة على التدريب والعلاقات الشخصية الجيدة"، وعمن "يتكلمون اللغة الإنكليزية أو الفرنسية أو الروسية أو العربية".

وبعد عرض المعلومات، يتوجه إلى الراغبين برسالة قصيرة تقول: "اذا كنت مستعداً للتحدي الشخصي وللتجربة والمغامرة الخاصة فلا تتردد من التوجه الينا".

ومن أجل طمأنة الراغب المستهدف، يؤكد الموقع الإحتفاظ بشكل سري بتفاصيل المرشحين للمناصب المختلفة، ويتعهد بعدم نشر أية تفاصيل بالنسبة للتوجه من قبل أي مرشح، ويوضح أن "السرية في العمل تحتم أن يتم التوجه الينا بالطريقة التالية فقط: قم بفتح حساب جيمايل جديد واكتبه في المكان المناسب، الرجاء أن تتقيد بكتابة التفاصيل بدقة، اذا وجدناك مناسباً فسوف يعود اليك أحد مندوبينا بالسرعة الممكنة بتوجيهات اضافية".

ما يطرح على هذا الصعيد، يثير حوله الكثير من علامات الإستفهام، حول الجهات التي تقف وراء هذه الشركات، وحول الأهداف التي تنفذها بشكل فعلي، خصوصاً أنه على الأرجح لديها أهداف غير معلنة تقوم بها في أكثر من مكان من العالم.