انتهت مهلة التسعين يوماً الملزمة لدعوة الهيئات الناخبة قبل موعد الانتخابات النيابية المقرّرة في 16 تشرين الثاني المقبل من دون أن يوقع مجلس الوزراء الذي يجتمع اليوم، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، والذي أحاله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى الأمانة العامة للمجلس ضمن المهلة القانونية.

انتهت المهلة من دون حسّ ولا خبر. يمكن المجلس النيابي في حال تأخّر صدور المرسوم ونشره، تعديل قانون المهل تقصيراً او إضافة أيام التأخير الى موعد إجراء الانتخابات. إلا انّ ذلك لن يحصل. المجلس النيابي متأهّب للتمديد مرة جديدة. سعادة النواب يبرّرون فعلتهم الجديدة التي ينوون القيام بها بعد التمديد الأول في عام 2013 بأنّ الوضع اللبناني ليس أفضل حالاً من الوضع الذي عاشه لبنان في عام 1975 والذي استدعى التمديد لمجلس 1972 نحو عشرين عاماً الى العام 1992.

لا يقلق الوضع الأمني النواب بقدر ما يسعدهم. التذرّع به مرة جديدة للتمديد ليس مستهجناً. الكثيرون منهم المؤيدون للتمديد أو الرافضون له يعلمون انّ الانتخابات النيابية لو حصلت ستسحب منهم بطاقة أصحاب السعادة.

نسي النواب انّ وظيفة المجلس النيابي الأولى هي التشريع. اتخدوا من التعطيل المخالف للدستور قاعدة. لجأ نواب الأمة الى الانقسام العمودي الحاصل في البلد الذي يمنع التشريع. أغفلوا أنّ في جلسة التمديد للمجلس كلّف الرئيس نبيه بري لجنة التواصل استكمال اجتماعاتها لإقرار قانون انتخابي جديد تجرى الانتخابات على أساسه بعد 17 شهراً. إلا أنّ اللجنة استدركت بعد سلسلة من الاجتماعات ان لا جدوى من الاستمرار في مضيعة الوقت في المشاورات. فأنهت اجتماعاتها كما بدأتها قبل التمديد من دون اي نتيجة.

وضع القانون الانتخابي جانباً. لم يعد يأتي أحد على ذكره إلا النائب سامي الجميّل الذي كان يكتفي مع رفع رئيس المجلس لأي جلسة عامة بالتمنّي على الرئاسة ان تضع على جدول أعمال الجلسة المقبلة قوانين الانتخابات النيابية.

حان موعد سلسلة الرتب الرواتب التي تزامنت مع استقالة الرئيس نجيب ميقاتي. خطفت الأنظار من القانون الانتخابي، إلا أنها وضعت في ثلاجة الانتظار. لا تشريع عند تيار المستقبل في جدول أعمال موسّع في ظلّ حكومة مستقيلة. شكلت حكومة الرئيس تمام سلام. أقرّ المجلس في جلستين تشريعيتين في الأول والثاني من نيسان الماضي 33 مشروعاً واقتراح قانون لا مكان للسلسلة بينهم. انتهى عهد الرئيس ميشال سليمان، من دون انتخاب رئيس للجمهورية. أعلن نواب 14 آذار ان لا تشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي.

عدم الحضور كانت له مبرّرات عند فريق 14 آذار الذي يحمّل فريق 8 آذار مسؤولية إقفال المجلس منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بطريقة انقلابية على تيار المستقبل، الى الأزمة السورية وتدخل حزب الله في سورية، وصولاً الى عرقلة انتخاب رئيس الجمهورية.

يعترف النواب الـ 128 بأن لا تشريع في المجلس. وأنهم شرّعوا في الحدود المعقولة. يرفضون جلد المجلس. لا يكفّون عن القول إنّ اللجان النيابية تجتمع بصورة دائمة، لا سيما المال والموازنة التي لا يتوقف تعطيل النصاب فيها عند درس بنود تستفز تيار المستقبل كحال القرضين المتعلّقين بالتربية والكهرباء.

يؤكد تيار المستقبل ضرورة إعطاء المجلس النيابي حقه بأنه استوعب الخلاف السياسي والاحتقان في الشارع وفتح باب الحوار بين النواب من مختلف الكتل السياسية، فالنائب انطوان زهرا يلتقي بالنائب علي فياض، والنائب سامي الجميّل يتواصل مع النائب نواف الموسوي. نزع المستقبل صفة التشريع عن المجلس النيابي وحصر عمله باللقاءات السياسية، التي يقول عنها نواب الوفاء للمقاومة إنها لقاءات غير رسمية لا تعني شيئاً. تحصل في مقهى L ETOILE أو في LOBBY المجلس لا أكثر.

لم يعد المجلس النيابي يمارس الرقابة الشاملة على سياسة الحكومة وأعمالها. تحوّل المجلس في فترة 14 شهراً من الوظيفة التشريعية الكاملة الى الوظيفية التحضيرية التي تتصل بعمل اللجان. أدى المجلس بعض الوظائف السياسية المحدودة كجلسة التضامن مع غزة. أصبح بلا وظيفة سياسية وعبئاً على مؤسسات النظام.

يستعدّ المجلس النيابي للتمديد مرة ثانية. يشترط الرئيس بري أن يسبق التمديد إنجاز مجموعة من الملفات العالقة لا سيما سلسلة الرتب والرواتب التي لن تمرّ إلا بالتوافق السياسي، فهل سيتوّج إقرار السلسلة التي أدخلها الرئيس فؤاد السنيورة في بازار صفقة الـ 11 مليار دولار، عهد التمديد الأول مع عودة الرئيس سعد الحريري من جدة، وتكون فاتحة خير للنواب الذين ينتظرون التمديد الجديد بفارغ الصبر، أم أنه سيكلّله بالفشل؟