أصابع خفية تحاول وضع العراقيل أمام «المبادرة المصرية» لتحقيق مكاسب خاصة

ما عجز الاحتلال عن فرضه بقوّة الحديد والنار من غير المسموح تحقيقه تحت التهديد والوعيد

القيادة الفلسطينية تحضّر لخطة شاملة لليوم الذي يلي وقف العدوان

أفشل الموقف الفلسطيني الموحَّد مخطّطات حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرّف بقيادة بنيامين نتنياهو بالعدوان على الأراضي الفلسطينية، وبشكل خاص الأخير منه على قطاع غزّة، على الرغم من مرور 40 يوماً على انطلاقه...

ومردُّ الفشل الإسرائيلي إلى جملة من الأحداث والمواقف والإنجازات التي حقّقها الفلسطينيون:

- ميدانياً: في المعركة العسكرية المفتوحة والصمود.

- سياسياً: عبر نجاح القيادة السياسية بتوحيد الموقف، والتي تجلّت بتشكيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفداً موحّداً برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزّام الأحمد، ويضم مكوّنات الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه، بما في ذلك حركتَيْ «حماس» و»الجهاد الإسلامي».

الموقف الفلسطيني الموحَّد، تكرّس من خلال التحرّكات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس والأراضي المحتلة في العام 1948 والشتات الفلسطيني، وأكد وحدة الموقف في مواجهة العدوان الصهيوني الذي لا يستهدف منطقة بذاتها، بل يهدف إلى ضرب الإنجازات الفلسطينية، خاصة ما تحقّق منها في الآونة الأخيرة، خصوصاً لجهة دخول فلسطين إلى «الأمم المتحدة» بصفة «دولة مراقب» (29 تشرين الثاني 2012)، وتشكيل «حكومة الوفاق الوطني» (2 حزيران 2014) التي أنهت انقساماً بين الضفة الغربية وقطاع غزّة امتد لسنوات...

وما تحقّق من إنجازات فلسطينية، كان على أكثر من صعيد على الرغم من الضريبة الغالية التي يدفع فاتورتها أبناء الشعب الفلسطيني شهداءً وجرحى فاق عددهم الـ 12 ألفاً، وأسرى ناهزوا الـ 6 آلاف، وتدمير الآلاف من المباني والممتلكات، بما في ذلك المساجد والكنائس والمقابر والمستشفيات ودور الحضانة والمصانع، وحتى استهداف السيارات والدرّاجات النارية وقوارب الصيد...

بات من الواضح أنّ مرحلة ما قبل العدوان لن تكون شبيهة بما بعده، وتحديداً لجهة رفض الشروط والإملاءات الإسرائيلية التي حاول قادة العدو فرضها بقوّة الحديد والنار، ففشلوا وهو ما ليس مسموحاً تحقيقه تحت التهديد والوعيد، لأنّ الفلسطيني الذي تعوّد على التضحيات الدائمة والمستمرة، لن يُبدّلها دون نيل حقوقه، التي يبخل الاحتلال الإسرائيلي عليه بها، ولا يستطيع المجتمع الدولي فرضها على الجبروت الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية...

وحدة الموقف الفلسطيني

لقد جُنَّ جنون قادة الاحتلال مع إعلان القيادة الفلسطينية التوصّل إلى تنفيذٍ عملاني لاتفاق المصالحة الفلسطينية الذي وُقِّعَ في القاهرة (4 أيار 2012)، إنهاءً لحالة الانقسام الفلسطيني التي زادت شرخاً في الشارع الداخلي، واستفاد منها العدو الإسرائيلي، الذي تذرّع بها للهروب من تنفيذ الالتزامات، وما أقرَّه المجتمع الدولي، خاصة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.

ومع إعلان ولادة «حكومة الوفاق الوطني» برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، حتى كان طيران العدو يَشنَّ غارات على قطاع غزّة، بعدما كان قد أعلن عن تجميد المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، الذي هو أساساً كان قد حدّد نهاية شهر نيسان 2014 موعداً لانتهاء فترة المفاوضات، إذا لم يتم تحقيق نتائج جدية وتنفيذها على أرض الواقع من قِبل سلطات الاحتلال، خاصة وقف بناء المستوطنات، وتهويد القدس، والالتزام بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى – أي ما يُعرف بأسرى ما قبل اتفاق «أوسلو».

لقد أدّت وحدة الموقف الفلسطيني بين المقاومة في الميدان، والمفاوضات غير المباشرة في القاهرة، والتحرّك السياسي الذي يقوده الرئيس «أبو مازن» على أكثر من محور، وانضمام فلسطين إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية، من ضمن 63 اتفاقية ومنظّمة دولية أصبح بإمكانها الانضمام إليها بعد دخول عضوية «الأمم المتحدة»، إلى توجيه ضربة قوية للعدو الصهيوني، الذي بات يعيش مرحلة خطرة، ليس فقط لأنّ المقاومة تمكّنت من توجيه ضربات قوية له وصمود أبناء غزّة، بل بما شكّلته وحدة الموقف الفلسطيني من تهديد لوجود الكيان الصهيوني برمّته، وهي المرّة الأولى التي يشعر بها قادة العدو بأنّ هذه المعركة هي معركة وجود للكيان الصهيوني، بينما يعتبر الفلسطينيون ومَنْ يدعمهم أنّها أصبحت مرحلة زوال الكيان الصهيوني.

ويواصل الرئيس الفلسطيني جولاته واتصالاته لتأمين الدعم للموقف الفلسطيني، انطلاقاً من دعم «المبادرة المصرية» التي كان قد أعلن عنها الرئيس المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعد انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، والتي تعرّضت إلى قصف واستهداف من قِبل دول عربية وإقليمية، ليس حرصاً على القضية الفلسطينية، بل لتحقيق مكاسب خاصة، وإنْ كان ثمنها ضحايا شهداء وجرحى ودمار للمناطق الفلسطينية.

جولات الرئيس «أبو مازن» لم تتوقّف، سواء من خلال زياراته المتعدّدة واتصالاته الدائمة، أو عبر موفديه إلى عدد من المسؤولين، من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

وتأتي زيارة الرئيس عباس المقرّرة إلى الدوحة ولقاء أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، في إطار الاتصالات والمشاورات، والتأكيد على وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني.

القاهرة محور المباحثات

وما زالت العاصمة المصرية، القاهرة، تشهد سلسلة من الاجتماعات، والمباحثات غير المباشرة بين الوفد الفلسطيني الموحَّد والوفد الإسرائيلي، عبر المسؤولين المصريين، حيث يؤكد الوفد الفلسطيني تمسّكه بحقوقه التي كان قد أعلن عنها، والتي تتمثّل بـ:

- وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الفوري من قطاع غزّة.

- إنهاء المنطقة العازلة التي تفرضها «إسرائيل» على القطاع.

- حريّة العمل والصيد في المياه الإقليمية إلى حدود 12 ميلاً بحرياً.

- إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى ما قبل «أوسلو».

- التزام «إسرائيل» بتنفيذ صفقة شاليط والإفراج عن الأسرى الذي اعتُقِلوا مؤخّراً.

- وقف اعتداءات المستوطنين التي أعقبت 11 حزيران الماضي في الضفة الغربية.

- الاتفاق على إعادة الإعمار وتأمين المساعدات العاجلة عبر «حكومة الوفاق الوطني».

- إعادة الإعمار من خلال مؤتمر للمانحين تعقده «حكومة الوفاق الوطني» الفلسطينية.

- إعادة تشغيل مطار وميناء غزّة.

- إنهاء الحصار وفتح كافة المعابر عن قطاع غزّة.

بينما يركّز الإسرائيلي على سحب سلاح المقاومة والتعهد بعدم تطوير قدراتها وأسلحتها، وهو ما ووجه برفض قاطع من الوفد الفلسطيني المُفاوِض.

الأحمد

وأكد رئيس الوفد الفلسطيني عزّام الأحمد لـ «اللـواء» أنّ «المناورات والمماطلة الإسرائيلية تحول دون حدوث أي تقدّم في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزّة»، مشدّداً على أنّه «إذا لم نتفق على إقرار حقوق شعبنا فلن نتنازل على أي منها».

وكشفت مصادر فلسطينية مشاركة في المفاوضات الجارية في القاهرة، عن أنّ المرحلة حسّاسة، واللحظة حاسمة، والقضية الفلسطينية على مفترق طرق، ويجب عدم الانصياع إلى محاولات التهويل الإسرائيلي بأنّ هناك «تهدئة مقابل التهدئة» بل يجب تحمّل العدو لمسؤوليته عن الجرائم الذي ارتكبها.

وألمحت المصادر إلى أنّ هناك أصابع خفية تحاول وضع العراقيل أمام «المبادرة المصرية»، وأنّه لم يتم حتى الآن الوصول إلى اتفاق، وفي حال الوصول إليه سيتم الإعلان عنه بشكل رسمي.

وأكدت المصادر أنّه سيتم عقد مؤتمر للدول المانحة من أجل دعم إعادة إعمار قطاع غزّة، وأنّ ذلك سيكون في مصر بالتنسيق مع النرويج، وأنّ «حكومة الوفاق الفلسطيني» هي التي ستتولّى الإشراف على إعادة الإعمار، لأنّ قطاع غزّة هو جزء من أراضي الدولة الفلسطينية، والحكومة الفلسطينية أيضاً هي التي ستشرف على تنفيذ اتفاقات الهدنة في حال الموافقة عليها.

وأشارت مصادر فلسطينية إلى أنّ هناك محاولات دؤوبة من الجانب الإسرائيلي لإدخال تعديلات على الورقة المصرية، وهي تعديلات سيئة وسلبية، ولا يقبلها الجانب الفلسطيني، لأنّها تركّز على مطلب واحد هو نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا يمكن أنْ يرضى به الوفد الفلسطيني لأنّ ذلك غير مقبول.

وعُلِمَ من مصادر فلسطينية بأنّ السلطة الفلسطينية تحضّر لخّطة شاملة لليوم الذي يلي وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وتتضمّن:

- العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية.

- علاقات السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي.

- علاقات السلطة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعالم.

وموضوع وثيقة توجّه فلسطين إلى «محكمة الجنايات الدولية»، التي وقّعتها العديد من الفصائل الفلسطينية، بانتظار استكمال توقيع باقي الفصائل عليها، بعدما طلبت مهلة لدرسها.

وأوضحت المصادر الفلسطينية أنّه إذا كان البعض يتحدّث عن هدنة إنسانية فقط، فكان يمكن القيام بها منذ بدء العدوان، وليس بعدما دفع الفلسطينيون ضريبة غالية من الشهداء والجرحى فاقوا الـ 12 ألفاً، وتدميراً مُرعِباً للمباني والممتلكات، حيث لم يوفّر العدو أيّاً من المؤسّسات حتى التي تتبع إلى «هيئة الأمم المتحدة»، بما في ذلك المدارس التي ارتكب فيها مجازر متعمّدة، علماً بأنّها تأوي نازحين من قطاع غزّة لجأوا إلى مناطق تُعتبر أكثر أماناً، وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم من التنسيق بين المسؤولين في «الأونروا» والمسؤولين الإسرائيليين، إلا أنّ قوّات الاحتلال تعمّدت قصف هذه المدارس، ومنها 7 مدارس تعرّضت للقصف، ما أدّى إلى استشهاد العشرات، ولعل أبرزها استهداف «مدرسة مروحين» في جباليا، وسقوط عدد من النازحين في المدرسة بين شهيد وجريح.

الاحتلال ينتهك المواثيق والأعراف الدولية

وأشار المستشار الإعلامي لـ «الأونروا» في قطاع غزّة عدنان أبو حسنة إلى «تعرّض مدارس «الأونروا» للقصف الإسرائيلي المتعمّد، مشيراً إلى أنّه «تم الاتصال مع الاحتلال الإسرائيلي مئات المرّات لإبلاغه بفتح هذه المدارس للنازحين حتى لا يتم اتهام «الأونروا» بأنّها تعرّض المدنيين للخطر، لأنّه يجب أخذ الموافقة الإسرائيلية قبل فتح أبواب المدارس للنازحين، وجرى الاتصال من قِبل مسؤولين في «الأونروا» مع المسؤولين الإسرائيليين 17 مرّة لإبلاغهم بأنّه سيتم فتح مدرسة مروحين، فتمّت الموافقة، لكن على الرغم من ذلك جرى استهدافها واستشهاد مدنيين نزحوا إليها».

وأوضح أبو حسنة أنّ «وكالة «الأونروا» قامت بالتحقيق من قِبل محقّقين متخصصين، بقصف هذه المدرسة والمدارس الأخرى التابعة للوكالة الدولية، وجاءت النتائج أنّ قوّات الاحتلال الإسرائيلي هي التي قامت بقصف هذه المدرسة، وتم تجميع الأدلة والوثائق التي تؤكد ذلك، وجرى نقلها إلى المسؤولين في الوكالة الدولية».

ورأت مصادر فلسطينية أنّ الهدف الإسرائيلي من قصف المدارس والمؤسّسات التابعة لوكالة «الأونروا» الدولية، هو توجيه رسالة بعدم التزامها بأي من المواثيق والأعراف الدولية، خاصة أنّ هذه المؤسّسات ترفع علم «الأمم المتحدة»، وهي مؤسّسات دولية تحظى برعاية وحماية دولية، وليس بالجديد على قوّات الاحتلال الإسرائيلي قصف مؤسّسات تحظى بحماية دولية، فهي قصفت مركز قوّات الطوارئ الدولية «اليونيفل» جنوبي لبنان (16 نيسان 1996)، ما أدّى إلى سقوط مئة وشهيدين وعشرات الجرحى كانوا قد التجأوا إلى مقر الوحدة الفيدجية في «اليونيفل»، ومن ثم أيضاً ارتكاب مجزرة ثانية في بلدة قانا خلال عدوان تموز 2006.

وبذلك فإنّ قوّات الاحتلال تكون قد انتهكت ميثاق «الأمم المتحدة» والأعراف الدولية التي كان قد التزم بها الكيان الصهيوني عند قبول عضويته في «الأمم المتحدة» في العام 1947، ولكن لم يطبّق أي شيء من هذه الشروط.

ولعل توقيع الرئيس «أبو مازن» على انضمام فلسطين إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية على رأسها معاهدة جينيف 1-2-3-4 (1 نيسان 2014)، يشكّل تهديداً ضد المسؤولين الإسرائيليين على الجرائم التي يرتكبونها، وذلك قبل الوصول إلى استخدام الفلسطينيين لحقهم بالانتماء إلى 63 اتفاقية ومنظّمة دولية من حقها الانضمام إليها بما في ذلك «محكمة الجنايات الدولية».

ولقد أدّى تشكيل «مجلس حقوق الإنسان» التابع لـ «الأمم المتحدة» لجنة تحقيق دولية في انتهاكات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، صدمةً للمسؤولين الإسرائيليين الذين أُدينوا خلال تقرير غولدستون للعدوان الإسرائيلي السابق على قطاع غزّة في 2008–2009، والذي صدر منتصف تشرين الثاني 2010، وبالتالي فإنّ احتمالات الإدانة الدولية على الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزّة باتت واضحة المعالم.

حصيلة العدوان

وكشفت تقارير فلسطينية أنّ عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي بلغ 2016 شهيداً بينهم 479 طفلاً و55 فتىً أعمارهم أقل من 18 عاماً، و14 صحافياً، فيما بلغ عدد الجرحى 10200.

كما إنّ الاعتقالات شملت الآلاف من الفلسطينيين بينهم نوابٌ في «المجلس التشريعي» وأطفالٌ بلغ عددهم 230 طفلاً توزّعوا على عدّة سجون.

وأوردت التقارير إحصائيات لجهة أبرز ما جرى استهدافه في العدوان الإسرائيلي حيث بلغ:

- إجمالي المنازل المدنية التي استهدفت 10624.

- 13 مستشفى، وإلحاق أضرار بـ 12 مركزاً للرعاية الأولية وإغلاق 114 مركزاً صحياً.

- استشهاد 18 عاملاً في القطاع الصحي، وإصابة 38 آخرين، وتدمير 16 سيارة إسعاف.

- 231 مدرسة و6 جامعات و22 مركزاً لجمعيات خيرية، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى، وتضرُّر أكثر من 260 ألف طالب، أصبحوا مُهدّدين في مستقبلهم الدراسي لوجود صعوبة في متابعة التدريس، حتى لو توقّف العدوان.

- 139 مسجداً، 46 منها دُمِّرَتْ بشكل كامل و93 مسجداً دُمِّرَت جزئياً.

- 10 مقابر إسلامية.

- تدمير كنيسة بشكل جزئي ومقبرة للمسيحيين.

- 55 قارب صيد، تضرّر منها أكثر من 3 آلاف مواطن، حيث يُعتبر الصيد مهنتهم الأساسية.

- هذا فضلاً عن استهداف عشرات مراكز الصرافة والبريد والمؤسّسات مالية.

- كذلك استهداف محطات المياه والصرف الصحي، التي دُمِّرَت منها 9 محطات مياه، تضرّر منها 700 ألف مواطن.

أما الخسائر الاقتصادية: فقد بلعت 2.81 بليون دولار أميركي، المباشرة منها 2.320 بليون دولار، وغير المباشرة 490 مليون دولار.

وبلغ عدد النازحين داخل قطاع غزّة حوالى 475 ألفاً، إما دُمِّرَت منازلهم كلياً أو جزئياً أو نتيجة تهديدات قوّات الاحتلال لهم بإخلاء منازلهم.

لقد استخدم الاحتلال الإسرائيلي مختلف أنواع الأسلحة الفتّاكة ضد المدنيين الفلسطينيين، جوّاً وبحراً وبرّاً، حيث فاق عدد القذائف التي أُطلِقَتْ 600 ألف قذيفة، وهو حجمٌ لم يكن قادة الاحتلال مقرّرين إطلاقه، لأنّه تبيّن عدم دقّة حساباتهم لجهة الصمود الذي سطّره المقاومون، ولم يكن بالحُسبان أنّ فترة الحرب ستطول لهذه المُدّة، بل ما كانوا قد خطّطوا له، وأنّ لا يتجاوز أسبوعاً واحداً يدمّرون خلاله الأنفاق، ويقضون على منظومات إطلاق الصواريخ، وينالون من قادة المقاومة، ويُنجِزون اجتياحاً برياً.

ولكن كانت النتيجة محافظة المقاومة على رباطة جأشها، ودكّت مواقع الاحتلال بصواريخ متعدّدة، ومنها التي نسمع عنها للمرّة الأولى، تساقطت في مناطق لم يتوقّع حتى قادة الاحتلال أنْ تصلها، متخطية كل إجراءاته، بما في ذلك «القبّة الحديدية» التي أخفقت في منع وصول صواريخ المقاومة إلى الأهداف المحدّدة، وحتى محيط «مطار بن غوريون»، الذي تعطّلت الملاحة فيه للمرّة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي، فضلاً عن محيط مفاعل «ديمونا»، ناهيك عن الخسائر البشرية في صفوف الاحتلال، والتي لم يتكبّدها في أي حرب سابقة، بما في ذلك أيضاً اختفاء أثر جنود له لم يتمكّن من معرفة مصيرهم سواء أبقوا أحياءً أو جثثاً في عداد المفقودين.

لقد جلب الاحتلال معاناة جديدة إلى داخله المتأزّم مع ارتفاع معدّل تفشّي البطالة، وقرارات عدد من الدول الأوروبية وقف استيراد المنتوجات من المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما أدّى إلى ارتفاع أعداد المهاجرين من داخل الأراضي الفلسطينية إلى بلدان أكثر أمناً، فانقلب السحر على الساحر الذي كان يسعى إلى «ترانسفير فلسطيني»، فإذا به يصبح «ترانسفيراً إسرائيلياً»، فيما الفلسطينيون يزفّون شهداءهم في مواكب واحداً تلو الآخر، وأيضاً يزفّون العرسان رغم التهجير والنزوح، والنساء تلد المزيد من الأطفال الذين فاق عددهم المئات، تأكيداً على إرادة الصمود والتمسُّك بالحياة.