قياساً بـ «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» ومقارنة بمشاعر الخوف والهواجس من خطر «داعش» يمكن القول ان زعيم المختارة ومعه زعيم الرابية هما الأكثر توجساً وتخوفاً من إرهاب «داعش» ، فبالنسبة الى رئيس القوات ينخفض منسوب المخاوف كثيراً عن زعيم الرابية عندما يرى جعجع ان «داعش» كذبة كبيرة وهي ليست القوة التي يعتد بها ، و«المستقبل» أدرك متأخراً بعد غزوة عرسال ان التنظيم الإرهابي موجود فعلاً وفاعل بقوة على الأرض اللبنانية وحدهما وليد جنبلاط وميشال عون كانا الأكثر استشعاراً بإرهاب «داعش»

وتغلغله وقوته على الساحة الداخلية، وطبعاً لا تجوز المقارنة بموقف حزب الله الذي ذهب لقتال التنظيمات الإرهابية على الأرض السورية اقتناعاً منه ان «داعش» سيأتي الى لبنان عاجلاً ام آجلاً ، فكان لا بد من مؤازرة النظام الحليف لمنع تمدد وزحف داعش الى لبنان .

هو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق الذي جعل البيك الدرزي بحسب مصادر سياسية متابعة يدور على نفسه آلاف المرات قبل ان يخطو اولى خطواته الى حارة حريك ليتبعها الى الرابية وبنشعي، والتنظيم الإرهابي نفسه جعل ميشال عون قادراً ربما لأول مرة في تاريخه ان يفهم على وليد جنبلاط وان يتشارك معه في وجهة النظر والمقاربة السياسية ذاتها. اما لماذا يبدو الجنرال والبيك الدرزي الأكثر تخوفاً من «داعش» ومشتقاته، فللموضوع صلة كما تقول المصادر التي تعرف الزعيمين وقراءتهما للأحداث والتحولات السياسية في المنطقة وهما الأكثر تماساً مع تلك التحولات.

ليس سراً تقول المصادر ان جنبلاط لديه «فوبيا» الأقليات وتخوف من تحولها الى وقود للحرب المشتعلة ولصراعات الأمم، فها هي المسيحية تندثر في العراق وفي سوريا فيما الدروز والمسيحيون في لبنان هنود حمر نسبة الى شعار جنبلاط الذي اطلقه منذ سنوات وقبل ان يطل شبح «داعش». اما الجنرال الذي يفهم بلغة العسكر والقتال، فهو الى جانب ما يعتقده بان ثمة من يسعى الى تطبيق مخطط كيسنجر الذي يكاد ان يصبح على مشارف النهاية ، يدرك حجم «داعش» وقوته العسكرية وبطشه ولا إنسانيته، وخطر تنظيم «داعش» على لبنان والمنطقة.

وإذا كان جنبلاط تضيف المصادر بات على قناعة تقريباً بان مشاركة حزب الله في الحرب السورية خفف ربما من وطأة «داعش» في لبنان ، وبان حزب الله لو لم يقاتل في القلمون والقصير كما قال الأمين العام لحزب الله لوقعت الحرب في الساحل وفي بيروت، فان جنبلاط بات مقتنعاً بان مشروع «داعش» سيقتلع الأقليات في حال نجاحه وعدم إيقافه ولهذا السبب يدق الزعيم الدرزي ناقوس الخطر ويجري مصالحاته السياسية من الرابية الى الحارة والى بنشعي تحسباً للآتي ألأعظم انطلاقاً من مقولة ان الإرهاب كان سيأتي الى المنطقة سواء شارك حزب الله في الحرب السورية او لم يفعل، وبالتالي لا يجب الغوص في تفصيل من استجلب «داعش» إذا كان المقصود به الإشارة الى حزب الله.

وبخلاف الزعيم الدرزي الذي تأخر عن الرابية في السير وراء خيارات حزب الله في ما خص القتال في سوريا ، فان الجنرال على حدّ قول المصادر يسير «مغمض العينيين» وراء مقاومة حزب الله لإسرائيل من جهة وللمنظمات الإرهابية ، فرئيس تكتل الإصلاح والتغيير كان السباق لمنع التطرف من التمدد الى الداخل اللبناني بمطالبته المزمنة بضبط الحدود ووقف تدفق النازحين السوريين وبمراقبة مخيمات النازحين في المناطق ، وعون كما تقول المصادر كان يتطلع الى عدم وقف معركة عرسال للقضاء على المسلحين وهو مع النظرية القائلة بعدم جواز التفاوض مع المسلحين الإرهابيين على اعتبار ان الجيش لا يفاوض الإرهابيين ، ومؤخراً سعى عون كما يدور في كواليس التيار الوطني الحر الى تحذير كوادره ووضعهم في الصورة الحقيقية لخطر «داعش» خصوصاً على المناطق المسيحية في المواقع الحساسة معلناً امام كوادره ان عليهم البقاء في حالة جهوزية في حال تجدد المواجهات مع داعش او إذا ما قررت المجموعات الإرهابية القيام بخطوات تخريبية في المناطق المسيحية . وهو بذلك يتلاقى مع ما يفعله وليد جنبلاط الذي اعلن ما يشبه حالة الاستنفار في صفوف محازبيه داعياً اياهم الى التعامل بدقة وبحذر مع التطورات وما يمكن ان يستجد على الساحة ، ألم يشرع جنبلاط لحزب الله ان يتسلم زمام الأمور ويشرف على التلال المطلة على الضاحية الجنوبية وبعبدا حين تعرضتا لعملية إطلاق الصواريخ ؟