قرار "الحرب الناعمة" التي كانت الطبق الأساسي بعد انتصار تموز 2006، والهدف الأساس للجنة "بيكر-هاملتون" اعتمد على الفتنة السُّنية - الشيعية والعربية - الفارسية، وقد قُدِّم بقالب منمَّق سُمِّي "الربيع العربي".

تدمير سلاح جيوش المنطقة وتدمير البشر والحجر بأيدي أهلها، واستنزاف البنية التحتية لشعوب المنطقة كانت نتيجة طبيعية لهذا المخطط الشيطاني الذي وضع محور المقاومة - العدو اللدود للصهيونية والاستكبار العالمي - كأحد طرفي هذا الصراع، فيدخل إلى ما لا نهاية في استنزاف ومشاغلة، وترتاح "إسرائيل" وحلفاؤها دون أي خسائر تُذكر.

لكن حالة الصمود في سورية ولبنان والعراق وإيران كشف خديعة "الربيع العربي"، حيث إن حصول انتخابات رئاسية في سورية، بعكس إرادة كل دول المؤامرة، وتطوُّر الوضع الميداني لمصلحة النظام، وعدم توقُّع أي مفاجأة معاكسة لهذا التقدُّم الميداني، يوازيها انتخابات عراقية ربحت على مليارات الدولارات التي صُرفت ضد القوى السياسية المنتمية إلى محور المقاومة، ومعهما فشل كل محاولات إشعال الفتنة في لبنان، وتحصين الساحة الداخلية في إيران بعد فوز الرئيس روحاني، أتى في لحظة سياسية أرعب صُنّاع المؤامرة وكاد أن يقلب الطاولة على رؤوسهم، فأطلقوا "داعش" وأوكلوا إليها مهمة الإسراع في قطع طريق طهران - بيروت، من خلال التمدد السريع في شريط جغرافي سوري - عراقي واسع يمدد مرحلة المشاغلة والاستنزاف، ويستنفر أعلى مستوى التطرف والإرهاب.

غالبية المتابعين شاهدوا التقارير التي تحدثت عن الإعداد الاستخباراتي - الصهيوني للمدعو أبو بكر البغدادي وصوره خلف السناتور الأميركي الصهيوني الجمهوري جون ماكين أثناء زيارته لشمال سورية عند الحدود التركية، والكثير الكثير من الوقائع التي أثبتت وقاحة أدوات المؤامرة ويطالعنا بعض العربان الذين يتشدقون بالتضليل والضلال وهم المصنع الأساس للمشروع التكفيري؛ تمويلاً وعقيدة.

"داعش" وأخواتها عبارة عن قفازات في أيدي المشروع الصهيوني، يقوم بالمهمة التدميرية دون أن يتكلف أية أعباء، والهدف المركزي نسف صورة الإسلام والعرب وشخصية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، وضرب منظومة القيم الإنسانية، وتبديد ثروات المنطقة.

الحذر كل الحذر من مفاجآت الغدر العسكري والسياسي في لحظات سياسية أخرى يتربص الأعداء فيها تآمراً وغدراً.

* نائب سابق