يظهر فرز المواقف السياسية من التمديد الثاني للمجلس النيابي ان كل القوى السياسية على قناعة بان التمديد بات حتمياً وضرورة ملحة في ظل الأوضاع الامنية السائدة وعلى ضوء الاحداث الجارية في المنطقة، حيث ان ثمة استحالة لإجراء الانتخابات في ظل الظروف الراهنة وامكانية تفجير الوضع الداخلي في اي وقت، إلا ان تعاطي هذه القوى وبحسب مصادر متابعة للملف يبدو مختلفاً ومتمايزاً حتى في صفوف الخط السياسي الواحد للفريق نفسه. فمعارضة «المستقبل» للتمديد لا تشبه معارضة حلفائه المسيحيين في 14 آذار، ومعارضة «تكتل الاصلاح والتغيير» لا تشبه موقف رئيس المجلس النيابي او حزب الله. فإذا كان تعاطي «المستقبل» واضحاً بانه لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل الظروف السياسية والأمنية الراهنة وحيث ان دول القرار لا تتعاطى مع الأحداث اللبنانية كأولوية وقد كان وزير الداخلية المحسوب على المستقبل اول من اشار الى صعوبة واستحالة إجراء الانتخابات راهناً، فان حلفاء المستقبل المسيحيين لا يجاهرون او يُقرون بهذا التوجه، وحيث يقف كل من الكتائب على مفترق طريق حيال تأييد الموقف المستقبلي او رفضه والتمايز عنه، فالتأييد في رفض إجراء الانتخابات وان كان الأكثر منطقية وعملانية قياساً مع الأوضاع السائدة، إلا ان مجاراة المستقبل دونه حسابات على الساحة المسيحية خصوصاً وان رئيس الاصلاح والتغيير سوف يبدأ بتسييل المواقف الرافضة لخيار التمديد وبالتالي سيستطيع بعد التمديد الأول ان يسدد «ضربة معلم « جديدة في مرمى اخصانه المسيحيين على غرار ما فعل في الجولة الأولى للتمديد.

ويبدو ان «القوات» تضيف المصادر التي اختارت ان لا تتسرع وهي التي تعاني من ترددات مواقفها على الساحة المسيحية، فالتقليل من خطر داعش لم يحظ بالإيجابية ولم يلق الصدى المناسب له لدى الجمهور المسيحي، وبالتالي فان القوات كما تقول المصادر في صدد دراسة المعطيات لديها حيال اقتراح التمديد، وهي التالي ستكون امام احد الخيارين، اما حضور الجلسة النيابية والتصويت ضد التمديد، واما الامتناع عن التصويت، في حين ان الكتائب في حال من الضياع، حيث ثمة من يعتقد ان الكتائب التي حصلت على مقاعد وازنة في حكومة تمام سلام بإرادة وقرار من سعد الحريري، فانها لن تتسبب بشرخ في العلاقة مع زعيم «المستقبل»، وعلى ما يبدو فان ثمة وجهتي نظر للقيادة الكتائبية، لجهة السير الى جانب المستقبل لفرض التمديد وإرضاء الحريري خصوصاً ان السير مع سعد الحريري مربح للكتائب لمواجهة تسوناني عون والنمو المضطرد للقوات على الساحة المسيحية وبين وجهة النظر القائلة بأن تأييد التمديد سيكون له اراتدادات سلبية على الساحة المسيحية.

من جهة اخرى فان الواضح تضيف المصادر ان كل من القوات والكتائب لا يرغبان بإعطاء عون «ذهبية» رفضه التمديد وحده، خصوصا وان عون فتح المعركة ضد التمديد الثاني ومن هنا يمكن فهم توقيع الوزراء المسيحيين على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في حين كان بالإمكان تطيير جلسة مجلس الوزراء. وعليه تؤكد المصادر فان مسار الأمور الراهن يدل على ان معراب قادرة على التمسك بموقفها الرافض للتمديد لخلق حالة متوازنة مع الرابية، بخلاف بكفيا وبنشعي اللذين سيسيران في خيار التمديد المر لإعتبارات الأمن واستحالة اجراء الانتخابات في هذه الظروف المتعثرة.

في مقلب 8 آذار، لا تبدو الأمور اكثر اختلافا على حدّ قول المصادر، ففي حين تصر الرابية على موقفها الرافض للتمديد للمجلس النيابي، فان رئيس المجلس الذي اعلن رفضه التمديد لا يمكن ان يسير بخلاف ما يفترضه السياق العام وتطورات ألأحداث، وبخلاف حزب الله الذي يركز على أولويات أخرى في حربه على الإرهاب وفي قتاله في سوريا. لكن كيف سيكون سياق الأمور، تؤكد الاوساط بأن التمديد صار واقعاً لا التباس فيه وهو سيتأمن بموافقة مسيحية من بكفيا وبنشعي وبامتناع عن التصويت للقوات وباعتراض عوني ثان لتمديد ثانٍ للمجلس النيابي..