ظنّ حلفاء رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون أنّهم تفادوا التصادم معه على خلفية اقتراحه انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على دورتين، وهو الطرح الذي لا يؤيّده معظمهم في هذه المرحلة وهذا التوقيت السياسي، بعد أن قفزت أزمات وملفات أخرى الى الواجهة ما جنّبهم اتخاذ مواقف علنية ورسمية رافضة له.

إلا أنّ رئيس أكبر تكتل مسيحي قرّر وعن قصد إحراجهم كما أخصامه السياسيين، محوّلا المبادرة إلى اقتراح قانون يوجب على الفرقاء السياسيين اتخاذ موقف واضح ونهائي منها.

ويعوّل عون على الموقف الأخير الذي أطلقه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مطلقا يده بالملف الرئاسي، حين قال أن ثمة "اسما واحدا وعنوانا واحدا للحديث معه في هذا الموضوع"، ما يعتبره عون تكليفا واضحا له و"كارت بلانش" لقيادة ملف الرئاسة كما يراه مناسبا.

لكن مصادر قوى "​8 آذار​" لا تبدو مرتاحة لكيفية تطور المواقف والأمور في الأيام المقبلة "ما قد يؤسس لخلافات جديدة داخل فريقها السياسي مماثلة للخلافات التي تزعزع أساسات قوى 14 آذار". وتقول المصادر: "لا مواقف نهائية وواضحة لا من ملف التمديد ولا من اقتراح عون اجراء انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب... حتى يمكن القول أن هناك أكثر من وجهة نظر وهي الى حد كبير وجهات نظر متباعدة توحي بخلاف قريب مع العماد عون".

وبالرغم من أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يجاري عون في هذه المرحلة برفضه تمديد ولاية المجلس الحالي للمرة الثانية، الا أنّه لا يتفق معه بتوقيت طرح مبادرته الرئاسية. وتشير المصادر في هذا الاطار، إلى أنّ "بري يؤيد بشكل عام مبدأ المبادرة التي تقوم على توكيل الشعب انتخاب رئيسه، وهو مصدر السلطات، الا أنّه لا يرى أنّ الأرضية والظروف ملائمة للسير بها خاصة بعدما أعلنت قوى 14 آذار مجتمعة رفضها المدوّي لها".

ويختلف تيار "المردة" مع حليفه المسيحي حول ملفي التمديد والمبادرة الرئاسية، فرئيس التيار النائب سليمان فرنجية يرفض حتى مجرد التفكير بامكانية الوقوع بفراغ برلماني يهدد برأيه أسس الدولة، وهو لذلك لم يمانع أن يكون أول من أعلن في فريقه السياسي تأييده خيار التمديد اذا كان لا بد منه. وعن موقف "المردة" من مبادرة العماد عون، تقول مصادر معنية ان تيار فرنجية لا يمتلك بعد جوابا على المبادرة بما يوحي بأنّه يرفضها ولكنّه يتفادى الاقرار بذلك.

ولعل عدم انعقاد اجتماع كتلة "الوفاء للمقاومة" الأسبوعي، وتعميم "حزب الله" على نوابه عدم الادلاء بمواقف من الملفات الداخلية المطروحة، اكبر دليل على التخبط الذي تعيشه قوى "8 آذار" في هذه المرحلة. وتقول مصادر متابعة في هذا السياق: "المرحلة ضبابية الى حد كبير وهي ليست مرحلة اتخاذ قرارات بقدر ما هي مرحلة تقطيع وقت بمبادرة من هنا وطرح من هناك"، لافتة الى انّه "وبعد منتصف ايلول المقبل ستتغير المعطيات"، من دون اعطاء أي تفاصيل اضافية.