في اليوم الواحد والخمسين للعدوان الصهيوني على قطاع غزة بدأت ترتسم مؤشرات انتصار المقاومة في معركة الاستنزاف وعضّ الأصابع بعد أن انتصرت في المواجهة البرية وأجبرت جيش الاحتلال على الانكفاء عن أطراف غزة وتكبيده خسائر فادحة في الأرواح، في حين فشل طيران العدو المتطوّر في وقف إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون واعترف جيش الاحتلال بهدّ القدرة على تحقيق ذلك.

ومؤشرات انتصار المقاومة تجلّت بالأمس من خلال التطورات التالية:

ـــ هروب المستوطنين من منطقة غلاف غزة والذي رافقه حالة من الهلع والرعب من انهمار صواريخ المقاومة على المستوطنات وسماع أصوات صفارات الإنذار بين الفينة والأخرى، وتباكي ونحيب المستوطنين، الأمر الذي عزز من جدوى صمود الشعب الفلسطيني ونجاح استراتيجية المقاومة في خوض حرب الاستنزاف وإضعاف تماسك الجبهة الداخلية للعدو واستطراداً إضعاف موقف الحكومة «الإسرائيلية»، وهو ما دفع أحد قادة المستوطنين في منطقة غلاف غزة إلى وصف انهيار معنويات المستوطنين بـأنه «سلوك نقيض للصهيونية».

وقال: «إنّ الأضرار المعنوية التي تلحقها الحكومة باستعدادها المبدئي لتمويل مغادرة السكان، لا يمكن معالجته».

ــ ارتفاع فاتورة الحرب «الإسرائيلية» التي باتت تهدّد الميزانية العامة بمزيد من العجز وتخفيض الموازنات المدنية من تعليم وصحة وخدمات اجتماعية. وبات من المرجح أنه ما أن تضع الحرب العسكرية أوزارها حتى تبدأ داخل الكيان «الإسرائيلي» حرباً أخرى جديدة بـأنّ فرض ضرائب جديدة على الإسرائيليين لتحميلهم العجز الناتح عن تكاليف الحرب وزيادة ميزانية الأمن

ـ اقرار الجيش «الإسرائيلي» بعد قدرته منع إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من قطاع غزة باتجاه المستوطنات وتل أبيب والقدس وغيرها من المدن المحتلة من فلسطين. وأنه «لا توجد للجيش «الإسرائيلي» قدرة على وقف إطلاقها بشكل مطلق، لا من الجوّ ولا من خلال عملية عسكرية برية».

ــ بعد تسرّب الإحباط إلى داخل قيادة الجيش «الاسرائيلي»، فإنّ الإحباط تسلّل أيضاً داخل المجلس الوزاراي «الإسرائيلي» المصغّر من فشل الهجمات الجوية في دفع المقاومة إلى العودة للقاهرة وخفض سقف مطالبها لوقف النار.

ــ اعلان مسؤول «إسرائيلي» بأنّ رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو بات يفضل التوصل إلى وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، لعدم قدرة «إسرائيل» على تحمّل حرب الاستنزاف. ويأتي ذلك بعد تصريح وزير الأمن موشية يعلون بأن «الهدف الرئيسي في الوقت الراهن إنهاء الحملة العسكرية»، مشيراً إلى أن «نزع السلاح من غزة ليس على جدول الأعمال في المرحلة الراهنة، وأن إسرائيل لن تتحمّل واقع حرب الاستنزاف».

وهذا يعني أنّ حكومة العدو لم يعد أمامها سوى واحد من خيارين:

إما الذهاب إلى اجتياح قطاع غزة لمحاولة القضاء على المقاومة وتدمير قدراتها الصاروخية وبنيتها التحتية بما فيها الأنفاق ومصانع الصواريخ، وهذا دونه مخاطر كبيرة لا يمكن التنبّؤ بها وبنتائجها منذ الآن، لا سيما أن هناك إحساساً متزايداً لدى قيادة الجيش الإسرائيلي بان الأمر سيكون مغامرة غير مضمونة النتائج.

أو العودة إلى المفاوضات غير المباشرة في القاهرة للتوصل إلى اتفاق لوقف النار لكن هذه المرة ستكون أقلّ قدرة على المناورة ومحاولة التهرّب من الإقرار بمطالب الوفد الفلسطيني المفاوض.

وفي هذا السياق يمكن إدراج ما ذكرته وسائل إعلام «إسرائيلية» نقلاًً عن مصادر أمنية «إسرائيلية» قولها: «إنّ مصر تقود محادثات متقدمة لوقف إطلاق النار لمدة شهر على الأقلّ بموافقة حماس والجهاد الإسلامي».

وأكدت المصادر «إنّ وقف إطلاق النار سيتمّ مقابل فتح معبر رفح كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية سيتم توسيع منطقة الصيد بشكل تدريجي، وفتح المعابر «الإسرائيلية» بشكل تدريجي».