تربط مراجع مطلعة بين عودة الرئيس سعد الحريري الثانية الى بيروت وبين نضوج ملفين اساسيين: ضمان التمديد لمجلس النواب،واستكمال شروط تسوية انتخاب رئيس جديد للبلاد:

ولذلك، فان رئيس تيار «المستقبل» لا يفضل في الوقت الراهن عدم الكشف عن مزيد مما يسعى اليه في هذا المجال، وان كان قد حسم امره تجاه الملفين. فهو اعلن صراحة تأييده للتمديد، تاركا تحديد فترة الولاية الممدة الى مفاوضات اللمسات الاخيرة. اما بالنسبة لتسوية الاستحقاق الرئاسي فهو مع مبدأ تقول مصادر «تيار المستقبل» سحب «المرشحين النافرين» العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع كمدخل جدي لهذه التسوية التي ترمي الى المجيء برئيس وفاقي على قاعدة ارضاء جميع الاطراف الاساسية.

لكن الخطوات التمهيدية او التحضيرية لحسم الملفين المذكورين تحتاجان لجهد ووقت اضافي، خصوصا ان العوائق التي تحول دون السير في ما يسعى اليه الحريري ليست سهلة وتحتاج الى مزيد من المساعي الداخلية الممهورة بتوقيع خارجي.

والسؤال المطروح هل تسرع الاحداث والتطورات المتصلة بتفاقم خطر تنظيم «داعش» الارهابي وباقي المجموعات الارهابية «جبهة النصرة» واخواتها، ام انها تفرض استهلاك بعض الوقت بانتظار استكمال حلقة خطة مواجهة هذا الخطر؟

البعض يرى ان هناك موجبات لترتيب الساحة السياسية الداخلية في لبنان لمواكبة التحضير لهذه الخطة الاقليمية - الدولية، والبعض الاخر يعتقد ان الحسم في هذا المجال لن يتبلور قبل جهوزها للتنفيذ. لكن في الحالتين فان مسألة ترتيب البيت اللبناني باتت على النار، خصوصا في ظل المخاطر التي تحدق بلبنان اذا ما بقيت الساحة السياسية على هشاشتها كما هو حاصل اليوم.

ووفق المعلومات المتوافرة حتى الان، يبدو ان تسوية انتخاب رئيس جديد باتت مطروحة بشكل مبدئي، لكن عناصرها تحتاج الى مزيد من الاخذ والرد لا سيما مع الجنرال ميشال عون الذي لم يطرأ على موقفه اي تطور يذكر، لا سيما انه لا يزال يدفع باتجاه تزكية انتخابه كمرشح قوي على الصعيد المسيحي اولا، وعلى المستوى الوطني ثانيا.

وتضيف المعلومات انه لم يسمع كلاما او جوابا صريحا بعد من الحريري في هذا الشأن، وان كان قد تلقى مؤخرا رسائل مشفرة سلبية تستبعد اكثر فاكثر حظوظه للوصول الى قصر بعبدا.

اما جعجع، الذي يكمن للعماد عون عند كوع معراب، فهو من اللحظة الاولى لترشيحه وضع نصب عينيه هدف ابعاده عن الرئاسة بأي ثمن، مدركا سلفا ان حظوظه لسلوك درب الرئاسة تكاد تكون معدومة.

وتقول اوساط رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» ان موقفه مبدئي وغير قابل للمساومة، مشيرة الى ان ما يحكى عن محاولة عقد صفقة سياسية مقابل اعلانه عزوفه عن الترشح هو مجرد «كلام جرايد»، ولا يعكس حقيقة الوضع القائم واشارت الى ان الاستحقاق الرئاسي لا يحتاج الى تسويات بقدر ما يحتاج الى تحمل كل الاطراف المسؤولية الوطنية. للعزوف عن الطريقة التي اتبعت في السابق لانتخاب رئيس الجمهورية واعتماد التمثيل الصحيح الذي يستند الى الحيثية التمثيلية لا سيما على المستوى المسيحي.

وتؤكد هذه الاوساط ان ترشيح العماد عون للرئاسة ليس للمناورة، مشيرة الى ان الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة والتي تطاول الوجود المسيحي تفترض المجيء برئيس مسيحي قوي وليس العكس.

وفي المعلومات ايضا انه على الرغم من هذا الموقف المتشدد للعماد عون، فان المعطيات الاخيرة اخذت تؤشر الى الحاجة لحسم ملف الرئاسة قبل الاستحقاق وبالتالي البت بهذا الملف في ايلول المقبل او مطلع تشرين الاول.

وحسب المعلومات فان هناك حراكا يجري في هذا المجال لا سيما من قبل النائب وليد جنبلاط بالتشاور مع الاطراف لا سيما الرئيس نبيه بري، غير ان معالم وتفاصيل ما يجري العمل عليه غير واضحة او ناضجة بشكل كامل حتى الان.

واذا كانت المرحلة السابقة، منذ خروج الرئيس ميشال سليمان من قصر بعبدا وانتهاء ولايته قد اثبتت صعوبة وتعقيدات الاستحقاق الرئاسي فان ما يتسرب حتى الان من معلومات يوحي بأن هناك مسارا جديدا اخذ يحتل حيزا مهما من الجهود لانتخاب رئيس الجمههورية لكنه بطبيعة الحال يحتاج الى وقت وجهد اضافيين.

وفي هذا المجال تنظر الاوساط المراقبة الى العلاقة المتوترة بين تيار «المستقبل». وحزب الله وترى فيها عاملا لا يساعد على الوصول الى نتائج ايجابية حول هذا الاستحقاق.

وتقول ان هناك سعياً لفتح كوة في هذه العلاقة من خلال بدء حوار بين الطرفين تسبقه محاولة لتخفيف السجال او تبديد الاجواء الملبدة بينهما.

وتشير الى ان خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تميز بلهجة معتدلة يفترض ان يلاقيه خطاب او مواقف مماثلة للرئيس الحريري، معتبرة ان هذا الامر يساهم في انجاح المساعي للمباشرة بحوار جدي بينهما ربما ينحصر في ملفات واستحقاقات معينة بينها الانتخابات الرئاسية.

لكن الاوساط تؤكد في الوقت نفسه ان هذا الامر يحتاج ايضا الى محاولات اخرى تمهيدية تأخذ بعين الاعتبار موقع وموقف «التيار الوطني الحر والجنرال عون، ذلك ان الحزب يحرص على عدم الدخول بالحوار حول الاستحقاق الرئاسي بمعزل عنه.

وفي شأن التمديد للمجلس تقول مصادر نيابية تبدو الاجواء غير ملائمة للانتخابات النيابية، غير ان ذلك لا يعني ان درب التمديد مفروش بالورود خصوصا ان المجلس الممدد له اصلا لم يزل يعاني ازمة المقاطعة التي تحاصره منذ فترة غير قصيرة رغم محاولات ودعوات الرئيس بري الى الجلسات التشريعية او جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

ووفقا للمعطيات الراهنة فان هناك حاجة لاستئناف جلسات المجلس والخروج من حالة الشلل التي يعيشها عن هذا المستوى كمدخل ممكن لسلوك مسار التمديد على اساس اقتراح النائب نقولا فتوش اي بزيادة عمره سنتين وسبعة اشهر.