يسود انطباع عام بين الفلسطينيين أن المقاومة نجحت في التصدي للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، بقدراتها العسكرية وبصمود شعبها، لكنّ الانجاز السياسي على أهميته لم يكن بالقدر الذي توقعه وتمناه الكثيرون.

وبينما يرى البعض أن ما يوصف بالإنجاز أساسه العمل المقاوم على الأرض، يعتقد آخرون أن الخطوات السياسية، التي أدارها الوفد الفلسطيني في القاهرة وقيادة السلطة الفلسطينية، ترجمت حالة صمود المقاومة والشعب.

نجاح للقيادة السياسية

برأي الناطق الرسمي باسم حركة "فتح" في قطاع غزة ​فايز أبو عيطة​، فإنّ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تمّ التوصّل إليه، هو نجاح للقيادة الفلسطينية ولجمهورية مصر العربية، بعد الهجوم الاسرائيلي الذي استمر لـ51 يوماً ارتكبت إسرائيل خلالهم المجازر بحق الشعب الفلسطيني، ودمّرت آلاف المنازل في قطاع غزة. وفي حديث إلى "النشرة"، يوضح أبو عيطة أن إسرائيل كانت تصر على المضيّ والاستمرار بالعدوان، ولا تريد توقيع أي اتفاقيات، سيما وأنها كانت تتهرب منها، لأنها كانت تريد أن تُبقي يدها مطلقة وحرة في ضرب الشعب الفلسطيني باستخدام آلة البطش لقتل وتدمير وتخريب كلّ مقدراته.

هذا النجاح السياسي يؤكده أيضًا القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" ​أحمد المدلل​ الذي يلفت، عبر "النشرة"، إلى أنّ "العدو الإسرائيلي كان يعتقد أنه انتصر من خلال قتله للأطفال والرجال والنساء، وهو لم يفعل، حتى انه لم يحقق انتصارًا على ​المقاومة الفلسطينية​"، ويشدّد على أنّ "العدو الإسرائيلي هُزم ولم يحقق أهدافه، واستطاعت المقاومة أن ترغمه على توقيع الاتفاق خصوصًا مع استمرار نيّته بالحرب المجنونة على شعبنا".

وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي ​هاني البسوس​ أنّ المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تفرض شروطها في نهاية المطاف، واستطاعت أيضًا أن تضغط على إسرائيل كي تتعاطى مع المطالب الفلسطينية بالحد الذي يلبي كل الحاجات الإنسانية الاساسية في قطاع غزة. وفي حديث لـ"النشرة"، يؤكد البسوس أنها نجحت خصوصاً في شرط فك الحصار عن غزة.

المعركة لم تنته..

"المعركة لم تتوقف وهي مفتوحة والحساب جارٍ بيننا وبين العدو الغاصب". هذا ما يؤكده القيادي في "الجهاد الإسلامي" أحمد المدلل، موضحًا أنّ المقاومة الفلسطينية استطاعت بقوة موقفها ووحدتها وآلتها العسكرية البسيطة، أن تفرض على العدو الإسرائيلي التوقيع على الاتفاق حفاظاً على ما تبقى من أبناء شعبنا ومقدراته. وانطلاقاً من هنا، يرى المدلل أن المقاومة ستفرض على العدو الإسرائيلي الاستمرار في تحيق أهداف الشعب الفلسطيني، لأن مطالبه هي مطالب إنسانية ومصر شاهدة على الاتفاق.

وفيما يقرّ المدلل بأنّ "العدو الاسرائيلي مجرم" ويقول أنه "يراوغ كثيرًا"، يشدّد على ضرورة الضغط عليه حتى يفي بالتزاماته التي تمّ التوصّل إليها في الاتفاق، وهو ما يذهب إليه أيضاً الكاتب والمحلل السياسي هاني البسوس الذي يتحدّث عن إمكانية التوصل لاتفاقية سياسية بين الجانبين تتوّج كلّ ما تبقى من المطالب الفلسطينية خلال شهر، ويشدّد على ضرورة توسيع النقاش من زوايا عديدة.

ولكي لا يضيع الانتصار، فإنّ المطلوب البناء على الاتفاق في الداخل الفلسطيني، كما يرى الناطق الرسمي باسم حركة "فتح" في قطاع غزة فايز أبو عيطة، الذي يشدّد على أنّ المطلبو فلسطينيًا "احترام التضحيات التي قدّمها الشعب الفلسطيني، والذي يستحق من القيادة السياسية والفصائل كلها أن تجمع على برنامج سياسي موحد يقود إلى إنهاء احتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".

تحقق الإنجاز إذًا وفرضت المقاومة الفلسطينية على إسرائيل وقف حرب هي الأطول على القطاع في تاريخ الصراع المعاصر. وإذا كانت غزة تنفست الصعداء مع هذا الاتفاق، فإنّ الأنظار تبقى موجهة لكيفية مقاربة الداخل الفلسطيني للمرحلة الجديدة، وما إذا كان سيوظّف الانتصار لصالح وحدته، أم أن انقساماته ستضيّعه من جديد..