ينخر الفساد معظم مؤسسات الدولة منذ أمدٍ بعيدٍ، إلا أنّ تمدّده دفع ببعض المنظمات الى محاولة تغيير هذا الواقع عبر تقديم مجموعة قوانين تكافح هذه الآفة ومنها إقتراح قانون حماية كاشفي الفساد، الذي تم تقديمه في العام 2010.

البنية التشريعية لا زالت ناقصة وبنية المؤسسات لا تزال ضعيفة ونحن في ورشة عمل تشريعية، يؤكد رئيس منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد النائب ​غسان مخيبر​. هو الذي يتحدث عن أهمية إقتراح القانون هذا وضرورة إقراره، فهو يرمي إلى تشجيع كشف الفساد مع حماية الشخص المعني من أيّ أذى يمكن أن يلحق به إثر فضحه أي عملية تزوير أو سرقة أو أي شيء آخر، ويشير إلى أنّ "هذا القانون سيجعل من عدد كاشفي الفساد يزداد بوجود أدلة جدية".

من جهةٍ أخرى يلفت عضو لجنة صياغة القانون ​عادل يمين​ إلى أنّ "هذا الاقتراح أتى تلبية للمعاهدة التي صدرت عن الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وأوصت الدول الأعضاء بأن تدخل بنظامها القانوني مجموعة نصوص قانونية تؤدي الى مكافحة الفساد وهي وضعت معايير وأسسًا واتجاهات لهذه القوانين.

سريّة المعلومات!

يصبح كاشفو الفساد عرضة للملاحقة أو لضغوطات وتهديدات وتدابير عقابية تمنعهم في كثير من الأحيان عن كشف الفساد خوفاً من دفع الثمن. ولهذا السبب سعى هذا القانون الى تأمين الحماية لهم، بحسب ما يلفت مخيبر، مؤكداً أن " القانون جعل من المعلومة التي تعطى ذات طابع سري".

ولكاشف الفساد ثلاث مرجعيات يتوجه اليها لإعطاء المعلومات وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ديوان المحاسبة، الهيئة العليا للتأديب تحت طائلة تأمين الحماية له. وهنا يشرح مخيبر أن الحماية تكون على ثلاثة مستويات: أولاً عبر إبقاء إسم مقدم المعلومات سرياً، وثانياً الجسدية إذ أن كاشف الفساد يمكن أن يكون مهدداً في حياته إذا كشف فضيحة كبيرة، من هنا سمح القانون للنيابات العامة أن تتخذ قرار حمايته جسدياً، والمستوى الثالث من الحماية هو على صعيد الوظيفة، فمن يعلن عن فضيحة فساد يمكن لمديره أو أي مسؤول عنه ان يتخذ تدابير للاقتصاص منه، ويأتي هنا دور القانون ليحميه من خلال مجلس الخدمة المدنية والهيئة الواضعة يدها مباشرة على الكشف.

حوافز تشجيعيّة

وللتشجيع على كشف الفساد حوافز عديدة خصوصاً للمشارك في إرتكاب فساد، فبحسب عادل يمين وفي حال بادر الى كشف الفساد قبل إكتمال عناصر العملية، تعتبر خطوته سبباً لعذره أو ما يسمى بالعذر المخفّف عن الجرم، وبالتالي يحق له أن يتقدم بطلب تعويض أمام مجلس شورى الدولة وتخفف عقوبته من النصف الى الربع"، وهنا يشير يمين الى أن "نص القانون وضع عبء الإثبات على صاحب العمل وبالتالي يترتّب عليه دفع تعويض صرف تعسفي". في هذا الاطار تحدث مخيبر عن حوافز مالية يحصل عليها من يكشف فساداً ما، فالقانون من هذه الناحية يسمح للدولة بإعطاء كاشف الفساد مكافأة مادية في حال أخبر عن العملية قبل أن تتمّ.

خطوة جديّة

يدرك واضعو هذا الإقتراح أنه لن يشكل عصا سحرية لمعالجة آفة الفساد في لبنان ولكن بالتأكيد هو خطوة جديّة لمكافحته، وهنا يرى يمين أنه "إذا تم إقرار هذا القانون الى جانب قانون تعزيز الحق بالوصول الى المعلومات وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، سيكون بيد الراغبين في المكافحة وسائل عديدة للمساهمة وسيكون المواطن شريكا فيها ولن تبقى منوطة بأصحاب القرار".

لا يختلف إثنان على أن هذه النوعية من القوانين وإن أقرت تساهم الى حدّ كبير في محاربة الفساد، ولكن يبقى السؤال: هل سينجح المعنيّون بتطبيق هكذا قوانين إن اقرت أم ستبقى مجرد حبر على ورق كسواها؟

تصوير تلفزيوني علاء كنعان