عادت الحياة الطبيعية إلى مختلف مناطق قطاع غزة بعد إعلان وقف إطلاق النار، ودبّت الحركة في الشوارع الرئيسية والأسواق، وفتحت المحال التجارية أبوابها، وبدأت ملامح الحياة تعود تدريجياً إلى القطاع، وبدأ الناس يتجولون في مختلف مدن غزة ويتفقدون ما دمره الاحتلال في القطاع الذي شهد عدواناً إسرائيلياً استمر لـ51 يوماً طال كل شيء، حيث عاد جزء من موظفي المؤسسات الحكومية والخاصة إلى أعمالهم، رغم تعرض كثير منها للاستهداف الإسرائيلي، بينما بدأت الطواقم الفنية في قطاعات الكهرباء والاتصالات والبلديات بإصلاح ما دمره الاحتلال من بنية تحتية وعمليات إصلاح الأعطال.

لكنّ من دُمر منزله وفقد كل شيء، سيبقى في مراكز الإيواء، في مقابل أن البعض أصرّ على الحياة والبقاء في أرضه، رغم تدمير منزلهم بشكل جزئي.

باقون في أرضنا..

برأي الفلسطيني حمدان حبيب، وهو من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فإنه ورغم تدمير الاحتلال لمنزله بشكل جزئي، إلا أنه سيواصل العيش والحياة فيه، بعد أن كان في مدارس الإيواء على أمل أن تقوم الجهات المختصة بإصلاحه مجدداً، "فنحن باقون في أرضنا ولا مكان لنا دونها".

وفي حديث إلى "النشرة"، يقول حبيب (52 عاماً): "جئت اليوم أنا وأولادي العشرة، ووجدت منزلي مدمراً جزئياً، لكنني سأسكن فيه، رغم كل ما حدث لنا، فنحن نحب الحياة، ونريد السلام، ولا أحد منا يتمنى الحرب والقتل والدمار".

ويضيف حبيب: "وجودنا في منزلنا وبقاؤنا فيه رسالة للاحتلال بأننا سنبقى صايدون في أرضنا، رغم ما حل بها من دمار وتخريب من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، وسنعمر أرضنا وبيوتنا مرة أخرى".

صابرون..

هذه الصورة من صمود الفلسطينيين في غزة التي رسمها الفلسطيني حبيت يقابلها أمنيات لدى الشابة أمل المغربي التي تمنت أن تبقى الأوضاع هادئة في قطاع غزة، وألا يحدث أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، "الذي عودنا على الغدر دائماً".

وتقول المغربي (23 عاماً) لـ"النشرة"، "نتمنى أن تبقى حياتنا هادئة كما هي الآن، يكفينا حروب ويكفينا تدمير وقتل، نحن عايشنا ثلاثة حروب، صحيح صدمنا وانتصرنا على العدو الإسرائيلي، لكننا نتألم كثيراً".

وتوضح المغربي، أنه ورغم ما قدمنا من شهداء وجرحى وتضحيات جسام، إلا أننا صابرون رغم كل ما حدث، وستبقى هامتنا مرفوعة وسنرسم صورة غزة الجميلة كما كانت".

نموذج للصمود..

"هم دمروا منزلنا بالكامل، لكننا سنعيد بناءه رغم أنف الاحتلال"، هذا ما تؤكده الفلسطينية سماح سكر (45 عاماً) التي لجأت هي وأطفالها الأحد عشر وزوجها إلى مركز الإيواء بعد تدمير منزلها بشكل كامل، إذ تشدد على أننا "مصرون على الحياة واستكمالها بشكل طبيعي رغم الألم الذي يعتصرنا وجراحنا الكبيرة، لكنّ الأمل في القادم أفضل".

وفي حديثها لـ"النشرة"، تقول سكر: "ذهبنا فور إعلان وقف اطلاق النار إلى منزلنا فوجدناه مدمراً بالكامل، وعدنا أدراجنا إلى مركز الإيواء على أمل أن يبدأ إعادة الإعمار في قطاع غزة.

وتضيف سكر: "ضحينا بكل ما نملك لأجل أن نستعيد حقوقنا التي سلبها الاحتلال، وقدمنا نموذجاً للصمود والتحدي في وجه العدو الإسرائيلي، وانتصار المقاومة الآن، علينا أن نلملم جراحنا ونبدأ حياتنا من جديد".

وضعت الحرب أوزارها في قطاع غزة، لكن جراحات وهموم الناس هناك، ستبقى مستمرة على من فقد عائلته أو أبناءه أو شقيقه ومنزله، لكن مشهد الصمود والتحدي والانتصار الذي رسمته سواعد المقاومة سيبقى نموذجاً يحتذى به، رغم الأمل في إعادة بناء ما دمره الاحتلال في القطاع يتجدد كل لحظة، بيد أن الصمود والصبر على ما حدث هو لسان حالهم.