لم يكن ينقص لبنان بعد انتشار الخوف من وصول التنظيمات الإرهابية الى أرضه إلا تنبؤات رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون الذي أدى خشيته من "تمدد داعش الى لبنان والأردن". وكأن اللبناني لم يكفه ما تسرّب من مناقشات جلسة مجلس الوزراء أول من أمس أن "داعش" على الحدود يحشد مسلحيه. وتمنى أحد المسؤولين البارزين لو أن كاميرون كتم توقعاته بتمدد تنظيم "الدولة الاسلامية" وأبلغ لبنان عبر القناة الديبلوماسية بما يمكن أن تقدمه لندن من دعم عسكري لمواجهة الاعتداءات التي تتكرر على الجيش اللبناني في جرود عرسال بنصب كمائن للسيارات العسكرية اثناء تنقلها. غير أن ما يريح المسؤولين من سياسيين وعسكريين والناس أن الجيش يتصدى بشجاعة لتلك الاعتداءات ويدحرها رغم أن امكاناته التجهيزية عادية وفي بعض الأوقات لا تفي بالمطلوب.

ولفت المسؤول الى الفارق بين السلوكين الأميركي والبريطاني، فواشنطن تحركت بسرعة عندما تبلغ السفير الأميركي ديفيد هيل حاجة الجيش الملحة من الذخائر والصواريخ والبنادق من قائد الجيش العماد جان قهوجي عندما اجتمع اليه في الثالث من الشهر الجاري أي في اليوم التالي لاندلاع الاشتباكات بين القوى العسكرية والمسلحين. وقد أرسل هيل معلومات عن الواقع الجديد وأن الجيش اللبناني يخوض معركة ضد إرهابيين أتوا من سوريا، فوصلت الأسلحة أمس وبسرعة بعد أقل من اسبوعين من الطلب. مع الاشارة الى أن هيل أفاد أيضاً في بيانه أن دفعة أخرى من الأسلحة وصلت في الساعات الـ 36 الماضية تتألف من صواريخ طراز 84 المحمول على الكتف وبنادق "ام 16 ايه فهور" ومدافع هاون. واللافت أن هيل اكد استعداد بلاده لتلبية ما يطلبه منها الجيش اللبناني وخصوصاً في كل ما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

ومقارنة بالسرعة الاميركية في تسليم الأسلحة شدد المسؤول على ضرورة أن تنسحب السرعة نفسها مع نداء العماد قهوجي والذي أطلقه في اليوم الثالث من بدء معركة عرسال على باريس للتعجيل في إرسال الأسلحة التي كان لبنان طلبها وفقاً للوائح اسمية بنوعية السلاح سلمها الوفد العسكري اللبناني للمفاوض، مع التذكير بأن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز اشتراها لمصلحة الجيش بهبة الثلاثة مليارات دولار التي تعتبر أكبر تبرّع للجيش من دولة، أعربية كانت أم أجنبية. وكان الرئيس فرنسوا هولاند قال أمام المؤتمر الـ 22 للسفراء الفرنسيين في الخارج، الخميس الماضي: "سنسلم الجيش اللبناني بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية المعدات التشغيلية التي لا غنى عنها لتأمين سلامة أراضيه". وقد لوحظ استعمال تعبير تسليم السلاح بصيغة المستقبل من دون تحديد موعد زمني مما يعني أن الموعد قد لا يكون قريباً ومتناسباً مع حاجة لبنان، وان محادثات ستجري مع ولي العهد السعودي الأمير سلمان لدى زيارته فرنسا الاثنين المقبل، وبعد ذلك تحتاج الصفقة الى موافقة الحكومة اللبنانية في قرار يتخذه مجلس الوزراء ثم تعطى التعليمات الى المصانع التي ستسلم الأسلحة.