- الأكيد أن الأميركي كان بصورة كل تفاصيل ما قام به حلفاؤه، في محور الحرب على سورية من تجميع لفروع القاعدة من أنحاء العالم ومقاتليها، وتنظيمهم وتقديم التسهيلات لهم، وتأمين إدخالهم لسورية، كما في صورة تفصيلية للرهان على نجاحهم في إضعاف الدولة السورية وجلبها ذليلة إلى طاولة التفاوض، كما هو الأكيد أن واشنطن التي خاضت رهانات مشابهة عديدة للحرب بواسطة القاعدة، تعلم أنها تكذب عندما تدعي مفاجآتها بظهور داعش، والمسمى ليس إلا مسمى جديداً لكائن معلوم جيداً، كما هو الأكيد أن واشنطن لم تكن يوماً تريد لهذا الكائن أن يكون أكثر من أداة استنزاف وإنهاك لخصومها، وليس وارداً على الإطلاق التسامح مع نشوء دولة يحكمها هذا الكائن، حدث في أفغانستان أن وقع الصدام يوم ظهر حلم القاعدة بالحكم، وحدث في العراق في زمن الاحتلال، ويحدث اليوم مع داعش.

- الواضح اليوم والثابت بما لا لبس فيه على رغم كل الضجيج، أن الدولة السورية صارت خارج دائرة الخطر، وأن الرهان على استنزافها لم يعد وارداً في ذهن أي عاقل، والمطروح على الأميركي اليوم في أسوأ الاحتمالات، أن يكون في ظنه خطر سيطرة داعش على سورية ونجاحه في استلام الحكم وتفكيك الدولة وإسقاط النظام، وفي هذه الحالة على الأميركي ومعه الغرب المذعور، وحلفائه العرب وعلى رأسهم السعودية الذين يتحسسون رقابهم مع موسم الحج ومخططات عيد الأضحى في مكة والمدينة، للبحث في كيفية منع وقوع هذا الخطر، وعندها هل تنتظر أميركا سقوط سورية بيد داعش، أم تسارع لصفقة مع ما تسميه النظام لترميم قدراته وقواته وتدعيم مواقعه، كما فعلت مع البشمركة والجيش العراقي لوقف تقدم هذا الداعش؟

- أن تتباطأ واشنطن وتتهادى في سيرها دمشق، وتعيد تكرار الكلام الممجوج عن عدم استعدادها للتعاون مع دمشق بوجه داعش، يعني شيئاً واحداً في علم السياسة وهو أن واشنطن مطمئنة لقوة سورية وقدرتها على مواجهة داعش، والصمود بوجه هذا التحدي من دون الحاجة لأي تنسيق، وأن واشنطن تريد من سورية أن تقوم بأشياء محددة لتنال التنسيق العلني الذي تعتبره واشنطن ثمناً مجزياً لسورية، لا يدفع مجاناً، بينما تعتبر واشنطن أن سورية تراها مأزومة ومحتاجة لهذا التنسيق، ولذلك تتريث وتتروى في مواصلة الحرب على داعش، ريثما تحصل على ما تريد، والتباطؤ المتبادل هنا هو تفاوض غير مباشر، أو عض غير معلن على الأصابع، لمعرفة من يلبي شروط الآخر أولاً، أو من يقترب بشروطه من ما يعرضه الآخر.

- حديث واشنطن عن حلف دولي وإقليمي لمكافحة داعش، وما تبعه من كلام فرنسي وبريطاني، هو إعادة لما سبق وقاله الرئيس بشار الأسد عن جبهة عالمية لمكافحة الإرهاب، لكن بشروط أولها وقف الحرب على سورية ووقف تسليح وتمويل وإيواء جماعات يصل كل ما يوضع بين يديها للمجموعات الدائرة في فلك القاعدة، اليوم ينطرح سؤال جدي على واشنطن، وهو هل يمكن بناء هذا الحلف بقوى الحرب على سورية كما يفترض الأحمق فرانسوا هولاند، والذي يتصور بغبائه أن ما يسميه بالجيش الحر هو الشريك في هذا التحالف، أم أن واشنطن تقصد حلفاً جديداً، وإلا فما هو مبرر الحديث عن التنسيق مع الحكومة العراقية، التي مع كل تغيير فيها ستبقى كما تؤكد المؤسسات السياسية الأميركية على مواصلتها للسياسة الخارجية السابقة، وفي مقدمها التعاون مع الحكومة السورية، وهل هناك تحالف تطمح له واشنطن من دون إيران وروسيا، يقدر على تغيير التوازنات بوجه الإرهاب؟

- طالما أن واشنطن بحلفائها ومنهم القاعدة التي ولدت داعش من رحمها جربت مقاتلة سورية وفشلا معاً، فهل تتخيل واشنطن ببلاهة أنها تستطيع بذات الحلف مواصلة القتال ضد سورية ومقاتلة داعش أيضاً؟

- الحلف الجديد وفقاً لواشنطن يضم حكماً روسيا وإيران، فهل تتخيل واشنطن خارج الغباء السعودي وما يقوله منظروه المدفوعي الأجر، أن التشارك مع إيران وروسيا متاح، وللقتال في سورية بلا مشاركة وموافقة سورية؟

- الأميركي ليس بهذا الغباء، وهو يعلم أن سورية محور الحلف الدولي الإقليمي المنشود، لكنه يريد التفاوض على الشروط.

- الفرق كبيير بين التمهيد والتهديد.