أخذ طلب الوزير أشرف ريفي من النيابة العامة التحرك لإلقاء القبض على الشبان الذين أحرقوا راية لـ«داعش» في الأشرفية منحى سياسياً. فالتيار الوطني الحر شغّل ماكينته للتضامن مع هؤلاء، في حين تنصّل النائب نديم الجميّل منهم، محاولاً التبرير لريفي. أما قانونياً، استناداً الى النائب إبراهيم كنعان، فلم تصدر بعد أي مذكرة توقيف بحق «المتهمين»

ثارت مشاعر وزير العدل أشرف ريفي حين اكتشف، متأخراً، أن مراهقين أحرقوا في الأشرفية راية تنظيم «دولة الاسلام في العراق والشام». فورة أعصاب ريفي لم تخمد حتى حرّك، أول من أمس، النيابة العامة، طالباً إنزال «أشد العقوبات» بمن أحرقوا الراية منذ نحو ثلاثة أسابيع، بعدما استفزّهم اعتداء مجموعة إرهابية على مراكز عسكرية في منطقة عرسال بداية آب الماضي.

ريفي الذي تحرك رداً على ما اعتبره إساءة للدين الاسلامي، غضّ الطرف سابقاً حين قام «مجهولون» بالكتابة على الحائط الملاصق لمزار سيدة الحارة في أسواق طرابلس القديمة عبارة «دولة الإسلام في العراق والشام». هو نفسه الذي لم يتحرك للادعاء على من يسيء للمؤسسة العسكرية ويشن اعتداءات على مراكزها. قد يدّعي مستقبلاً على كل من يقاتل إرهابيين يلفّون أنفسهم بأعلام عليها رايات دينية بحجة الحفاظ على المقدسات.

نديم الجميّل: لماذا مهاجمة داعش وهي لم تهجم علينا بعد؟

لم يكن أحد ليتذكر الحادثة لو أن ريفي لم يفتح الملف، وما كان أحد سيتخذها ذريعة ليرد «الصاع» عبر إحراق الصلبان، فيجد ريفي نفسه محرجاً ويصدر بياناً من طينة «ستة وستة مكرر»، يطلب فيه «إجراء التحريات للتثبت من الخبر وملاحقة الفاعلين».

فور طلب ريفي من النيابة العامة التحرك، بادر النائب إبراهيم كنعان الى التوكل عن الشبان «انطلاقاً من خلفية قانونية، وهو قرار فردي»، كما أوضح لـ«الأخبار». يهمه توجيه رسالة أن «التوكيل غير مسيّس، وحرق الراية لا يستهدف ديانة سماوية، بل هو اعتراض على أعمال لا تمت الى الدين بصلة». أما من يحاول إسقاط صبغة سياسية على الملف «فهذه نياته وتخصه وحده». القضية، بالنسبة إليه، «مبدئية»، وهي «الحفاظ على حرية التعبير. فالعلم لا علاقة له بالاسلام، هو راية تنظيم إرهابي». إجراء ريفي الذي أتى بعد شهر «في غير محله، أدى الى تحريك غرائز الناس، وأعتقد أن هذا سقفه». يرفض كنعان ربط طلب ريفي بتأجيل الإفراج عن العسكريين المسيحيين، «لا يجوز ربط الأمور، بل توضيح الخلفية منعاً للفتنة». أما عن وضع الشبان القانوني، فيؤكد النائب أنه حتى الساعة «ليس على علمي أنه صدرت بحقهم أي مذكرة توقيف. لم نتبلغ أي إجراء حسي وعملي».

من جهته، يتهم القيادي في التيار الوطني الحر زياد عبس ريفي بأنه «اعتمد إثارة الفتنة بمجرد استذكاره حادثاً فردياً حصل منذ أسابيع». أما اتخاذ الأمر حجة لتأخير الإفراج عن العسكريين المسيحيين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» و«داعش»، فهو «توقيت يثير التساؤلات». يرفض عبس اتهامات البعض بأن التيار العوني يقف خلف إعادة فتح الملف عبر نشر الصورة أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، «الصورة قديمة، أعاد الشباب نشرها بعد قرار ريفي»، موضحاً أن تصرف الشبان «كان عفوياً، وهم انتظروا حتى انتهاء اللقاء التضامني مع الجيش في الاشرفية حتى يحرقوا العلم، بعد أن منعناهم من ذلك». يقول عبس إن «كل واحد منهم في مكان حالياً، وأبلغنا المرجعيات القانونية أنه حين يطبّق القانون على الجميع فليلقوا القبض عليهم».

لم تنته مفاعيل القصة في الأشرفية بعد، «فنحن ندرس إمكانية تنظيم تحركات شعبية تضامنية مع الشبان، من دون أن نسمح لأحد باستغلالها. فليس الغرض تأجيج الفتنة».

أما النائب نديم الجميّل الذي تنصّل من حرق العلم لأن «هذه الصفات ليست من شيم وأخلاق أهالي الأشرفية»، فيقول في اتصال مع «الأخبار» إن هؤلاء «يعبّرون عن رأي سياسي وليس عن طائفة. يريدون توريط المنطقة في إشكال هي بغنى عنه، فنحن نفضّل تحييد مناطقنا». يزيد أن من يريد إحراق العلم «فليفعلها أمام منزله. نحن لم يعد بإمكاننا تقبّل هذه الأمور». لا يهم نائب الأشرفية أي علم أحرق أبناء منطقته، «لماذا مهاجمة داعش وهي لم تهجم علينا بعد؟». والـ«نا» التي يتحدث عنها الجميّل تعني المسيحيين، على الرغم من أنه كتب على صفحته على فايسبوك أنه ليس «بتصرفات ولدانية تحمى المناطق المسيحية بل بالقتال إلى جانب الجيش ومساندته على كافة الأصعدة». يقول الجميّل إنه من أجل حماية المؤسسة العسكرية «لسنا مضطرين إلى أن نفتح جبهة أخرى ترهقه». أما عن كلام ريفي، «فنحن نتفهم أن لديه قاعدة سنيّة في طرابلس يريد معالجتها. ولكن لديه الحق في أن يتحرك إذا كان الموضوع يمسّ السلم الأهلي».

من جهته، رفض ريفي الحديث إلى «الأخبار» عن قراره.