يحق لكل لبناني أن يسأل عن كل ما يُفترض أن يسأل عنه: عن الأمن المفقود. عن داعش التي قال وزير داخليتنا إنها بالآلاف على الحدود، عن المليارات التي وُعد بها الجيش ولم يصل منها شيء. عن الأسرى الذين أُخذوا على حين غرة وتركوا لقطّاع الرؤوس في ظل أجواء غامضة مريبة. عن الماء والكهرباء ورئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية وسلسلة الرتب والرواتب والشهادات الرسمية وغيرها من المسائل التي تزلزل حاضر ومستقبل الوطن.

مَن المسؤول الحقيقي عما يحصل في البلد؟ مَن المسؤول عن هذا التردي الذي ضرب القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؟.

أليست الطبقة السياسية التي تعاقبت على الحكم منذ الطائف بسياسات أمنية فاشلة أسقطت الجيش ببطء في مستنقع الرمال المتحركة للزبائنية اللبنانية، التي لم تقدم له سوى الكلام المعسول فيما اللبنانيون يواجهون عاصفة إثر عاصفة تلتهم أحلامهم وتطلعاتهم بالسلام والاستقرار.

من أراد الجيش ضعيفاً أمام العدو «الإسرائيلي»، كان يصّر على إظهار عجز الدولة وفشلها في تحمل مسؤولياتها في الحفاظ على سيادة لبنان وحماية الشعب.

ومن أراد عدم تجهيز الجيش وتركه في العراء أمام الدواعش كان يراهن على تحولات لضرب المقاومة. فماذا أعددنا لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية. لا شيء سوى استدرار العطف والمعونة من الخارج.

الخارج الذي يتاجر بدماء شعوب المنطقة لن يتأخر بالمتاجرة بدماء اللبنانيين لأنّ مصالحه هي فوق كل اعتبار.

وينبغي أن يقال بكل صدق ونزاهة أنه لولا المقاومة لكنا اليوم وسط طوفان من الدم وجحيم من النار. إنّ الشعب اللبناني يدفع ضريبة الطبقة السياسية التي لا حدّ لاستهتارها وطائفيتها وحزبيتها وتبعيتها للخارج.

لم يحدث لهذه الطبقة أن قدّمت الدم والتضحيات دفاعاً عن لبنان، ولا رسمت سياسات صحيحة لحماية البلد سواء من الإرهاب الصهيوني أو الداعشي. بل لم تتحرج هذه الطبقة من اتخاذ مواقف وتدابير تجعل لبنان عرضة للمخاطر الأمنية الجسيمة.

والآن ما الذي كان سيحدث في غزة فيما لو نجح العدو «الإسرائيلي» في حملته التي سماها الجرف الصامد . لقد استغلت «إسرائيل» الفوضى في العالم العربي وانهيار الدول وتمدد الجماعات المتطرفة كنتيجة مباشرة لتخلّع أبواب الأوطان، للقضاء على المقاومين وبالتالي لتسوية الوجود الفلسطيني في الأرض أو دفعه إلى الضياع في بلاد الضياع. كان المخطط يقضي بإنهاء القضية الفلسطينية كي لا يبقى أمام مشروع «إسرائيل» الكبرى أي عائق. ولكن محور المقاومة من إيران إلى سورية فحزب الله كان حاضراً في غزة بالصواريخ والخنادق والخطط فيما كانت الدول العربية والإسلامية بمحاورها المتباعدة مشغولة بقضاياها الصغيرة.

لقد كان الهدف الاستراتيجي من حرب غزة كسر إرادة المقاومة ففشلت أهداف المعتدين. وكان الهدف الاستراتيجي من هجوم الدواعش على عرسال كسر السلام اللبناني، لكن المقاومة كانت حاضرة بشرف واقتدار ومسؤولية للدفاع عن أرض الأنبياء والحضارات من الاندثار في كل الساحات والجبهات التي ترى أنه يجب أن تكون فيها.