من حسن حظ العسكريين الخمسة الذين أُطلقوا ليل السبت - الاحد، ان مصيرهم بات معلومًا، ونتمنى ان يُعرَف مصير العسكريين المخطوفين الآخرين.

لكن وفق تقاطع المعطيات فإن ملفهم دخل في الملف الكبير وهو ملف جمهورية المصير المجهول، ولنقل الأمور كما هي:

لقد تمّ إطلاق العسكريين من الطائفة السنية بعدما التهب الشارع السني اثر توزيع صورة العسكري الذي تمت تصفيته، لكن والحمدلله يبدو انه لا يزال على قيد الحياة، فبادر الخاطفون إلى أطلاق السنَّة لامتصاص النقمة، وأكثر من ذلك سرت أخبار عن أنهم يريدون إطلاق العسكريَيْن المسيحيين، لكن تذرعهم بتوزيع إحراق راية تنظيم داعش عرقل إطلاقهما.

وفي بيان اصدرته جبهة النصرة قالت انها لن تخلي سبيل العسكريين المسيحيين إلا بشرطين هما إطلاق سراح سجناء اسلاميين من سجن رومية مقابل كل أسير واعتذار رسمي.

ماذا عن العسكريين الآخرين ؟

هنا ندخل مجددًا في ملف جمهورية المصير المجهول، ففي المرحلة الاولى قيل إن مطالب الخاطفين هي إطلاق موقوفين في سجن رومية، ثم قيل إن من بين المطالب تأمين خروج أحمد الاسير وفضل شاكر من لبنان، ولاحقا قيل إن المطلوب ان لا يتدخل حزب الله في معركة القلمون التي ستبدأ قريباً، وإذا تدخَّل فإن العسكريين المخطوفين سيدفعون الثمن.

أين الحقيقة من كل هذه المعطيات؟

وهل بالامكان خرق جدار المصير المجهول؟

المعطى الاقرب ان هناك استعداداً للمقايضة أو للمبادلة، لكن هذا المعطى لم ينضج بعد، فليس معروفاً حتى الآن ما هي الشروط الواضحة والمبلورة للمسلحين، وإلى ان تنجلي هذه الصورة فإن المصير المجهول مازال مخيِّمًا.

بندٌ آخر في ملف جمهورية المصير المجهول: ماذا لو حل الشتاء على المسلحين العشرة آلاف الموجودين في الجرود بين لبنان وسوريا؟

وماذا لو قرروا النزوح في اتجاه لبنان، فكيف سيتم التعاطي معهم؟

هل سنشهد في هذه الحال عرسال ثلاثة؟

بندٌ إضافي بدا التداول يتم فيه همساً: هناك معلومات عن بدء حركة نزوح داخلية، اي من منطقة لبنانية إلى منطقة لبنانية أخرى، وهي لنازحين سوريين تحت ضغطٍ كبير من مذهبٍ معيَّن إرتباطاً بالتطورات الاخيرة لجهة خطف العسكريين من الجيش وقوى الامن الداخلي، فهل يصبح عندها النزوح الثاني قنبلةً موقوتة؟

وهل تبدأ عملية فرزٍ للنازحين؟ والى أين ستصل الأمور في هذه الحال؟

في ظل كل هذه المعمعة، ما هو مصير المواطن اللبناني العادي الضائع في غياهب عجز الدولة ولامسؤولية البعض وشعور رئيس الحكومة بانه متروك؟

الجواب ينضم الى جمهورية المصير المجهول.

فرئيس الحكومة يبدو انه سيعتمد أسلوب الاجتماعات اليومية، وهو لهذا السبب عقد اجتماعاً امنياً مساء أمس الأحد خصوصاً بعدما بدا ان نار الفتنة تتمدد رويدا رويداً، فبعد إحراق الراية في الاشرفية، افاق المواطنون في طرابلس على شعارات كُتِبَت على بعض جدران الكنائس وفيها دولة الإسلام قادمة، وهذا ما دفع فاعليات المدينة إلى استنكار هذه الكتابات.

إذًا، تطورات متسارعة، إنفعالات، إرتجال، لا خطط جاهزة، ولا مبادرات، المواطن متروك إلى مصيره المجهول، والدولة غارقة في مصير مجهول، فهل من بصيص في نهاية النفق؟

الجواب مجهولٌ ايضاً.