تحتفل الفصائل الفلسطينية واللبنانية بانتصار المقاومة الفلسطينية على العدوان الصهيوني الذي شن طوال خمسين يوماً على غزة، بحفل جماهيري خطابي تنظمه الفصائل عصر اليوم في الاونيسكو ودعت اليه كل الاحزاب اللبنانية بما فيها "حزب الله" ولقاء احزاب 8 آذار.

ويأتي هذا الاحتفاء بالنصر بعد اسبوع من رضوخ اسرائيل لوقف إطلاق النار وفق المبادرة المصرية وخطاب رئيس المكتب السياسي في حماس خالد مشعل الذي أصر فيه على تحديد موقعه الى جانب من لم يساعد المقاومة لا بالمال ولا بالسلاح وتعمد تجاهل ذكر "حزب الله" وسورية وذكر على سبيل رفع العتب اسم ايران لا اكثر ولا اقل.

واذا كانت جماهير المقاومة ومحورها الممانع كله قد شعرت بنكران الجميل وبالغدر من كلام القائد السياسي الاول لـ"حماس"، فإنها لم تستفق بعد من طعن حماس للقيادة السورية ولو كانت مواقفها من تغيير النظام او الانخراط في الدم السوري ودعم الفصائل المتطرفة غير ثابتة ومؤكدة او مباشرة حتى ان مواقفها السياسية لم تكن بتلك الحدة التي يتمسك فيها السعوديون والقطريون والاتراك في الازمة السورية.

وبطبيعة الحال لم يحظَ كلام مشعل بالصدى نفسه الذي تركه في حارة حريك وهج الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الفلسطينية على العدوان. فهي ابدعت في الصمود والتصدي وفي الاساليب القتالية المبتكرة واجبرت بنيامين نتانياهو على تمرير بنود اتفاقية القاهرة من وراء ظهور متطرفي حكومته. فتجاهل "حزب الله" التعليق على الرد على تجاهل مشعل لدوره في انتصار وصمود المقاومة يعود الى سياسة الحزب في عدم التعليق او الانجرار الى سجالات او ردات فعل غرائزية او مواقف انفعالية يعتبرها صغيرة في مساره وقضيته. وبواقع الامر لم يوفر الحزب وقيادته خلال العدوان الاخير على غزة سبيلاً لدعم غزة ونصرتها فكان الحزب ومسؤولوه في المناطق رأس حربة المهرجانات الخطابية والسياسية التي نظمت لنصرة غزة واهلها كما تم تجاوز المخاطر الامنية لجمع الحشود وتكثيف الحماية الامنية لها لتنجح وتؤدي الغرض المرتجى منها.

كما جمع الحزب تبرعات من مسؤوليه وعناصره وزار مكاتب حماس وقيادات المقاومة الفلسطينية متضامناً وداعماً في بيروت إبان العدوان.

وتبدو حالة الاستياء التي اصابت جمهور المقاومة وحتى قيادات حزب الله من هذا التجاهل لدور حزب الله وايران وسورية في انتصار غزة الاخير عموماً، مماثلة لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في بيروت من الجهاد الاسلامي الى كل الفصائل العلمانية والقومية التي تواصلت مع حزب الله متضامنة ومع السفارة الايرانية لاستمرارهما في الوقوف الى جانب القضية الفلسطينية وكل الفلسطينيين لتحقيق الهدف السامي وهو تحرير فلسطين كلها ودحر الاحتلال.

في المقابل لم تصدر عن قيادة حماس في بيروت اية توضيحات سرية او علنية لخطاب مشعل ولم تبادر الى الاتصال بـ"حزب الله" منذ الخطاب المذكور رغم ان العلاقة مستمرة وبشكل يومي في التنسيق الحزبي والسياسي بين الحزب وحماس في لجنة دعم المقاومة الفلسطينية والعلاقة بين القوى والفصائل وحزب الله.

انتصار غزة ومحاولة استثماره لفك الحصار بكامله وإعادة إعمار القطاع بكامله وعودة الحياة الى طبيعتها واردة في حسابات حزب الله وهو لن يتوانى بالشراكة مع القيادة الايرانية عن تقديم اية مساعدة يراها مناسبة للاعمار وتوظيف خبراته بعد عدوان تموز في البناء والتخطيط وإعادة الحياة الى طبيعتها بالكامل.

وكما بذلت القيادة الايرانية جهداً كبيراً بطريقة غير مباشرة عبر ممثلي بعض فصائل المقاومة الفلسطينية للخروج باتفاق سياسي يحفظ تضحيات الغزيين ويضمن انتصارات المقاومة، فإن حزب الله وايران حريصان ايضاً على استمرار المصالحة الفلسطينية ومنع تشظيها في مخيمات لبنان وفي داخل فلسطين المحتلة لان الوحدة وجه آخر من وجوه محاربة العدو على طريق التحرير.