في غمرة الحديث عن الخطر الداعشيّ الأصفر، القادم من خلف الحدود، يصبح الصمت جريمة والكلام غير المسؤول «جريمة أفظع»، أمّا التصرفات الصبيانيّة التي تلقى تأييدها في «العصفوريّة السياسيّة» التي نعيشها، فتبدو في أحسن أحوالها، استجراراً لما كان الشارع اللبناني بعيداً عنه.. حتى لو نسبياً.

وفيما كان يُحكى عن صراع (سني- شيعي) في المنطقة، يعود تاريخه الى 1400 سنة، هناك من «فضّل» تحويل المعركة من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني، ومن معركة جيش النظام السوري - حزب الله - النصرة - داعش - الجيش السوري الحرّ، إلى معركة إسلاميّة مسيحيّة، تارةً عبر كاهن «يعظ» وشيخ «يردّ»، وتارةً أخرى عبر صبيّ يلعب في الأشرفية، وهو يُدرك أو لا يُدرك أن الضرر سيقع على المفاوضات الصعبة التي تخوضها الحكومة اللبنانيّة مع المجموعات الإرهابيّة لتحرير الأبطال الذين «لا مذهب لهم ولا دين» وهم يدفعون الدماء فداءً لكرامة لبنان وشعبه، دون تمييز ولا تصنيفات فئويّة أو مذهبيّة داخل المؤسسة شبه الوحيدة التي يُراهِن عليها الشعب اللبناني بأغلبيته الساحقة.

والسؤال الذي يُطرح هنا، «ما الفائدة من حرق يافطة قماش» بمعزلٍ إنّ كانت لـ«داعش» أو غيره وأين المكسب من ذلك، وهلّ بالألعاب البهلوانيّة واللعب على الغرائز الدينيّة والردّ عبر حرق الصلبان الخشبيّة نخدم الجيش اللبناني؟ قطعاً لا..

وفي البلاد المقطوعة الرأس بسكينٍ لبناني، هناك حكومة عُرفت بحكومة «ربط النزاع»، تعمل حتى الساعة بحكمة في ظلّ الشغور الرئاسيّ القائم، علينا دعمها والوقوف خلفها أياً كانت التضحيات، لاسترجاع العسكريين من دون عراضات غير مفيدة وعنتريّات في غير مكانها.

ويتحدثون عن السلاح والتسلّح والأمن الذاتي، ليكتمل النقل بالزعرور، كأن لا جيش لنا أو كأننا نسينا الشعارات المرفوعة طيلة أعوام خلت.. سلاحنا الأقوى اليوم هو الوقوف خلف الحكومة، والمطالبة اليوميّة، نعم اليوميّة بتطبيق «إعلان بعبدا» لتحييد لبنان عن اللهيب الأصفر، وترك الجيش يدافع عن كرامتنا وأرضنا وأمننا، دون اللجوء أو التلويح باللجوء إلى الأمن الذاتيّ وحمل السلاح كما بتنا نسمع.. ويا للأسف.

المطلوب اليوم، أن نضع إمكانياتنا، أحزاباً كنا أم أفراداً، بتصرف المؤسسة العسكريّة وتركها تعمل على كلّ ما تراه مناسباً، بدلاً من تكبيلها بانتقادات من هنا وإشكالات من هناك واختراعات وتلفيقات وتغريدات وانتقادات.

المطلوب اليوم أن نقول للجيش اللبناني «كلنا أنصار» فيما لو دعت الحاجة، وترك الحسابات السياسيّة والشخصية خارج التداول، مع ما لهذه الحسابات البغيضة من تأثير سلبيّ على عمل المؤسسة وانتظامها.

المطلوب اليوم، أن نكون يداً واحدة في مواجهة الإرهاب القادم، إرهاب يستعدي السنة قبل الشيعة والمسلم لله قبل المسيحيّ.

المطلوب اليوم، خاصةً في حكومة «ربط النزاع» أن نربط كلّ نزاعاتنا ومصالحنا و«الإيغو»، وننكبّ جميعاً إلى تأمين كلّ ما يُحصِّن هذا اللبنان المقطوع الرأس بسكين «غير داعشية».

المطلوب اليوم، الإسراع في انتخاب الرئيس، حينها فقط، نكون قد سجّلنا «أغلى هدف» في مرمى «داعش» وأخواته من التركيبات المفبركة التي تستفيد من حالة لبنان برأسه المقطوع لتمرير سياساتها وتحقيق أهدافها.

المطلوب اليوم، استعمال «سلاحنا الأقوى» والتمترس خلفه، فهو وحده القادر على حمايتنا، بتركيبتنا الفريدة وعراقة ماضينا لتأمين مستقبلنا كما نحلم.. سلاحنا الأقوى هو الدستور اللبناني والمؤسسات الشرعية والاتفاقات التي تكفل تحييد بلدنا عن أتون «الفرن الإرهابي» الذي يكاد «يشوينا» بلهيبه.. حتى من بعيد.