سقطت آخر معاقل هيبة الدولة اللبنانية وقضائها في قبضة الجماعات التكفيرية والارهابية امثال"داعش" و"النصرة".. لن تجدي التبريرات والاعذار التي تقدمها الجهات الرسمية في تجميل وتبرير الفضيحة حين سمحت قبلا للمسلحين بالخروج من عرسال سالمين ومعهم الجنود المخطوفون وتتمادى الان وبنفس المعايير في تعريض الدولة ومؤسساتها للمزيد من الاهانة من خلال الضغط عليها لتنفيذ مطالب الارهابيين...

ثمة اجواء في البلد معترضة على مبدا مقاربة هذا الملف من الاساس..تسريبات الغرف المغلقة تشير الى عدم رضا قوى 8 آذار على ما قام ويقوم به المعنيون...تقول المعلومات بان هذه القوى رفضت قبلا تسوية خروج المسلحين بهذه الطريقة، ولاحقا طالبت الجيش اللبناني بالقيام بعملية برية واسعة بمؤازرة حزب الله والدعم الجوي السوري لتحرير العسكريين وعرسال من قبضة الارهابيين..طبعا تؤكد الرواية ان السلطة السياسية سارعت الى رفض هذا الخيار لاعتبارات تتعلق بعلاقة جهات داخلية واقليمية مع سوريا وموقفها من حزب الله... وتشير المعلومات ذاتها الى ان الاميركي دخل على خط تسوية الوضع الامني في عرسال وجرودها لجهة الضغط على حلفائه في الداخل اللبناني لتامين غطاء اعلامي وسياسي للمعركة المقبلة لتنظيف هذه المنطقة...

وعليه، ليس صحيحا ان القرار الرسمي اللبناني موحد في مقاربة هذا الملف لجهة القبول بالتسوية المذلة مع الارهابيين، ليس صحيحا ان محاولة تهريب فضيحة المبادلة والمقايضة من خلال القضاء ستمر مرور الكرام اقله عند قوى 8 آذار التي تبدو مستاءة الى اقصى الحدود...

لكن رغم ذلك، تزن هذه القوى موقفها من هذه القضية بميزان الذهب...ووفقا لاحد وزرائها البارزين فهي لن تستبق الامور وتطلق اي موقف قبل طرح الموضوع في مجلس الوزراء... او حتى قبل اتضاح حقيقة اللعبة التي يمارسها البعض لتهريب هذا الملف من خلال القضاء...

الا ان هذا التريث لم يمنع الوزير المذكور من التاكيد ل "اللواء" بان الخضوع لمطالب الارهابيين بمبادلة العسكريين بسجناء اسلاميين في رومية هي ضربة موجعة لهيبة الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والامنية...وهي تشكل سابقة ستفتح الباب امام التنظيمات الارهابية لاستباحة امن اللبنانيين والاعتداء على اراضينا وابتزاز الدولة مرارا وتكرارا...

وعلى حد قوله، ليست هيبة الدولة وحدها التي سقطت في ملف المخطوفين اللبنانيين... ببساطة وجه الوزير اصابع الاتهام والادانة الى القضاء الذي اثبت انه خاضع للتدخلات السياسية ولا يتصرف وفقا لمنطق القانون والعدالة..

ولتدعيم نظرية رضوخ القضاء لمطالب السلطة السياسية، تساءل الوزير عن الاسباب التي منعت القضاء سابقا من البت بملف الموقوفين الاسلاميين ومحاكمتهم ولماذا الان رضخ تحت الضغط للافراج عنهم؟