لم يستسلم بعد رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون في معركته الى القصر الجمهوري... هو أظهر أنّه صاحب نفس طويل بعد كل ما تعرض له من حملات خلال الأيام الـ112 الماضية وهي فترة الشغور الرئاسي المستمر منذ 25 أيار الماضي. لعلّ قناعته بأنّها قد تكون الفرصة الأخيرة له لرئاسة البلد ما يمنحه قوة الصمود في وجه كل الضغوطات التي يتعرض لها والتي كان أبرزها تلك الأمنية. بالأمس لعب صهره، وزير الخارجية ​جبران باسيل​ ورقة أساسية في جدة حين غازل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية موقعا على سلسلة التزامات بمواجهة الارهاب، من دون تبيان أبعاد هذا التوقيع والدور المطلوب أن يلعبه لبنان في المواجهة المقبلة، وهو ما اعتبره حلفاؤه انحيازا للمحور السعودي.

لا يأبه باسيل ومن خلفه عون بحملات اعلامية تساق عليهما على خلفية التحرك الأخير هذا، فالجنرال لا يزال متسلحا بـ"الكارت بلانش" الذي منحه اياه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله للعب وحيدًا على خشبة مسرح الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي هو سيقنع الحزب وباقي مكونات "8 آذار" بأن ما قام به في جدة ذات خلفيات رئاسية لا سياسية استراتيجية.

مع انطلاق معركة أميركا لمحاربة "داعش" في ميادين محددة، أعيد خلط أوراق الرئاسة اللبنانية، فمن كان متقدما على منافسه بالأمس عاد الى الصفوف الخلفية فيما تقدم من كان بالخلف الى الصف الأول.

وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع أننا عدنا الى نقطة الانطلاق في الملف الرئاسي، فالدول المعنية ربطت هذا الاستحقاق كما ذلك النيابي بكيفية تطور الامور ميدانيا مع بدء تنفيذ ضربات عسكرية على مواقع "داعش" في العراق وسوريا، فـ"تداعيات ذلك قد تكون خطيرة جدا على الداخل اللبناني طالما أنّ التنظيم الارهابي المتطرف متربص على حدودنا ويمتلك خلايا نائمة منتشرة على شكل لاجئين سوريين في معظم المناطق اللبنانية".

ومع تقدم الملف الأمني على السياسة واستحقاقاتها، حاول أكثر من طرف معني بالموضوع الرئاسي، اللعب مؤخرا بالوقت الضائع طارحا اسماء قد تليق بالمرحلة على دوائر عربية وغربية لكن الجواب كان واضحا لجهة عدم تبلور المشهد ونضوج ظروف انتخاب رئيس قبل أواخر العام الجاري.

وتشير المصادر الى ان رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان طرح قبل فترة قصيرة اسم مدير عام القصر الجمهوري السابق السفير ناجي أبي عاصي للرئاسة لكنّه لم يلق جوابا يرضيه، ككثير غيره من السياسيين.

في هذا الوقت، توشك احدى الصفقات على النضوج وهي تقول بعقد جلسات متتالية لمجلس النواب على مر 3 أيام ما بين 28 ايلول الحالي و15 تشرين الاول المقبل يتم خلالها اقرار سلسلة الرتب والرواتب وتمرير قوانين ملحة على ان يتم بنهاية اليوم الثالث التمديد لمجلس النواب 19 شهرا. وتشير المصادر الى ان هذه الصفقة قد تتطلب عودة رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري لضبط ايقاع تياره خاصة وأن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة يمانع اقرار عدد من القوانين، فتكون الكلمة النهائية للشيخ سعد وتتم الصفقة.

اذا، يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد حراكا على المستويين الامني والسياسي في لبنان والدول المحيطة، على ان يحدد مسار معركة مواجهة "داعش" مصير الكثير من الملفات الداخلية اللبنانية التي تتقاذفها الايادي الاقليمية والدولية.