قد لا تمر ساعة واحدة منذ حوالي عشرة أيام، من دون أن تنفذ القوى الأمنية مداهمة لمخيمات اللاجئين السوريين. تارةً ​الجيش اللبناني​، وتارةً أخرى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ولا يتردد عن المشاركة في هذه المداهمات أيضاً جهاز الأمن والإستقصاء في الأمن العام، إضافة الى جهاز أمن الدولة.

"هي ليست صدفة"، تقول المصادر الأمنية المتابعة، "هو قرار سياسي متخذ من قبل السلطات العليا، تم التداول به بعد ذبح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" الجندي علي السيد، وتم تثبيته وبدء العمل به بعد الجريمة البشعة الثانية للتنظيم التي ذهب ضحيتها العسكري عباس مدلج". وفي تفاصيل رواية طرح هذا القرار، فبعد تضمين "داعش" كل البيانات الصادرة عنه مطلب عدم التعرض لمخيمات اللاجئين السوريين، وورود هذا الطلب أيضاً ضمن شروط "​جبهة النصرة​" المتكررة للإفراج عن العسكريين المخطوفين أكانوا من جنود الجيش أم من عناصر قوى الأمن الداخلي، رأت خلية الأزمة أن من الضروري إستعمال هذه الورقة كوسيلة ضغط على الإرهابيين، وسيلة قد تساهم في مكان ما بتحرير بعض العسكريين. لم يتضمن القرار أبداً الإفتراء على جميع اللاجئين السوريين في لبنان، بل التضييق على كل مخالف، من عدم امتلاك الأوراق الثبوتية والقانونية المطلوبة، مروراً بحيازة الأسلحة، وصولاً الى المطلوبين بتهم الإنتماء الى تنظيم إرهابي.

"غير أن المفاجأة الكبرى"، تقول المصادر الأمنية، "برزت في أعداد المخالفين الكبرى داخل المخيمات، واللافت أن بين هذه المخالفات الكثير من تلك التي تقع تحت خانة حيازة الأسلحة وتهم الإنتماء الى جبهة النصرة وتنظيم "داعش" إضافة الى تنظيم كتائب عبدالله عزام، ولا يخلو الأمر أحياناً من توقيفات تطلق عليها في عالم الأمن تسمية "الصيد الثمين" إذ تم القاء القبض خلال هذه المداهمات على أشخاص مطلوبين بتهمة المشاركة والتحضير لتفجيرات إرهابية ذهب ضحيتها لبنانيون مدنيون وعسكريون".

بالنسبة الى أحد صانعي هذا القرار، ليس في القضية عنصرية كما يحاول البعض التسويق في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، وكل ما في الأمر أن اللاجئ شيء والمطلوب شيء آخر، وإذا كان هناك تساهل أمني في السنوات الماضية مع هؤلاء السوريين المطلوبين، لم يعد مسموحاً بعد حادثة الثاني من آب في عرسال ترك هؤلاء يسرحون ويمرحون تحت شعار اللجوء داخل المخيمات، يعرضون أمنها أولاً للخطر وأمن المناطق ثانياً، وما حصل في عرسال خير دليل على صوابية هذا القرار إذ أن عدد المسلحين الذين خرجوا من المخيمات لمقاتلة الجيش فاق عدد الذين نزل من جرود البلدة.

إذاً القرار إتخذ وينفذ كما يجب بحذافيره، ونتيجته العملية التي ظهرت منذ بدء تطبيقه تتثمل بإصابة أكثر من عصفور بحجر واحد، عصفور الضغط على الإرهابيين الذين يخطفون العسكريين، وعصفور تنظيف المخميات المنتشرة في المناطق اللبنانية من المطلوبين، اضافة الى عصفور فرض هيبة الدولة التي لم يشعر فيها اللاجئون منذ وصولهم الى لبنان.