هل صحيح ان هناك قرعاً لطبول الحرب؟ أم ان ما يجري هو حربٌ صامتة ومختلفة عن الحروب التي سبقت؟

حتى الآن ليست هناك من معطيات أو مؤشرات تدل على ان التحضيرات التي تجري هي تحضيرات حرب، فلا أسطول تحرَّك ولا جيوش استعدّت ولا حلف شمال الأطلسي وزّع صورا عن استنفارات وتمرينات، كل ما في الأمر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ألقى خطاباً قال فيه إن بلاده، مع الحلفاء، سيقاتلون تنظيم داعش وان دور بلاده سيقتصر على القصف من الجو بطائرات من دون طيار، وأن العمليات الأرضية ستتولاها دول المنطقة.

إذًا إنها ميني حرب أو أقل من حرب بكثير، ولو صُوِّرَت في وسائل الإعلام على انها حرب.

فالذين يُعلِّلون النفس بحربٍ على غرار الحروب السابقة في الخليج أو في افغانستان، فإن آمالهم ستخيب، فأقصى ما يمكن ان يحدث هو العمليات النوعية على غرار الضربات التي تحصل في الصومال وفي اليمن، لكن هذه الضربات مضى عليها أكثر من عشرة اعوام، ومع ذلك لم تنتهِ الحروب فيها بل تضاعفت وتعقدت.

أكثر من ذلك، فإن الحرب الموعودة تبدو حاجة للرأي العام الاميركي أكثر مما هي حاجة لدول المنطقة وشعوبها، فذبحُ الصحافي الاميركي وتعميم صورته على موقع يوتيوب شاهده معظم الشعب الاميركي، ما سبَّب إحراجاً هائلاً للرئيس الاميركي ولإدارته فكان قراره بالتحرك بناء على ذلك الإحراج وليس إنطلاقاً من مصلحة الدول.

أكثر من ذلك فإن عائلة الصحافي المذبوح أحرجت الرئيس أوباما بسلسلة من المواقف: دايان فولي، والدة الصحافي فولي كشفت عن انها شعرت بأن إدارة الرئيس باراك أوباما انزعجت من الجهود التي حاولت العائلة بذلها للإفراج عن ابنها. والاخطر من ذلك قول الوالدة المفجوعة:

أعتقد أن الجهود التي بذلناها لمحاولة تحرير جيم كانت مصدر إزعاج للحكومة الاميركية، فعملية الإطلاق لم تكن على ما يبدو جزءاً من مصالحها الاستراتيجية .

ولكن متى تبدأ هذه الحرب؟

الخطورة في الامر ان هناك وعداً بالحرب وليس هناك حربٌ، كما ان التوازن غير متكافئ بين سرعة تحرك تنظيم داعش وبطء تحرك قوى التحالف، ماذا يعني هذا اللاتوازن؟

بالنسبة إلى الدول التي تعاني من آثار الاضطرابات في المنطقة، كلبنان مثلا، فإن هذا النوع من الحروب من شأنه ان يجعل البلد معلَّقاً على جدران الانتظار، لكن وطننا من النوع الذي لم يعد يحتمل الانتظار، خصوصا ان كلّ قضاياه باتت معلَّقة، صحيح ان رئيس الحكومة يبذل جهدا لا بأس به من اجل إطلاق المخطوفين، وهو لهذه الغاية قام بزيارةٍ خاطفة إلى قطر، لكن اكثر من ذلك فإن الجهود لمعالجة سائر الملفات تبدو تراوح مكانها:

فالانتخابات النيابية لا اثر لها على رغم ان مهلة تقديم الترشيحات تنتهي منتصف ليل غد. ولان الانتخابات النيابية لن تجري فإن دماء الحياة السياسية لن تتجدَّد وسيبقى الوضع على ما هو عليه من التقهقر والتراجع.

مؤسفٌ الوضع اللبناني ووصوله إلى هذا الدَرْك، وما يدعو إلى التحسر ان لبنان ليس قادرا لا على ملاقاة نتائج الحرب إذا وقعت ولا على تحمل عدم وقوعها، فنحن في قلب المأزق حتى إشعارٍ آخر.