يرفض "حزب الله" بالمطلق التعاطي مع الوجود السوري في لبنان على أنّه قنبلة موقوتة ستنفجر في وجهه بأيّ وقت، متكئًا على تجربة الانتخابات الرئاسية السورية وتدفق عشرات آلاف السوريين إلى سفارتهم في اليرزة، ما شكّل دليلاً شبه قاطع بالنسبة للحزب بأنّ العدد الأكبر من اللاجئين المنتشرين في المناطق اللبنانية كافة هم على الأرجح من مؤيدي النظام السوري وبالتالي لا يشكلون أيّ خطر عليه.

ويتفهّم الحزب محاولات قوى 14 آذار "المبطّنة" لتظهير الوجود السوري كأنّه سيف مسلط بوجهه، معتمدة على العامل الديموغرافي وعلى أن معظم اللاجئين من الطائفة السنية... حيث لا يعير الحزب الكثير من الأهمية لهذه المخاوف لأنه يعتبر نفسه مسيطرًًا تمامًا على الملف وخاصة في مناطق نفوذه، وهو اتخذ بعد فشل "داعش" التمدد في عرسال مزيدا من الاجراءات قطعت الطريق كليا على اي محاولة لاستخدام اللجوء السوري كورقة لمواجهة الحزب.

وبحسب مصادر مقربة منه، يتعاطى "حزب الله" بحذر مع الاحتقان الشعبي الذي تجلى بعد اختطاف العسكريين اللبنانيين عبر محاولات لطرد اللاجئين من مناطق نفوذه. وتتحدث هذه المصادر عن "معالجة تجزيئية" و"امتصاص متدرج" للموضوع مؤكدة ان لا شيء يدعو للخوف او للاستنفار لأن الوضع تحت السيطرة.

وتم تسليط الضوء مؤخرا على الوجود السوري في الجنوب اللبناني وامكانية تدهوره بشكل دراماتيكي نظرا لحساسية الوضع هناك، وازدياد المخاوف من لعب اللاجئين دورا سلبيا على الجبهة مع اسرائيل.

وتشير مصادر مقربة من "حزب الله" إلى أنّ العدد الاجمالي للاجئين السوريين في الجنوب يتراوح ما بين 170 الفا و 200 الفا بمقابل 140 الفا مسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين.

وشاعت مؤخرًا بيانات تدعو اللاجئين في بلدات الجنوب لمغادرتها تحت طائلة الملاحقة، وهو ما تضعه المصادر بخانة "الحالات الفردية التي تتم معالجتها"، نافية نفيا قاطعا وجود اي قرار أهلي او حزبي لطرد السوريين.

وتؤكد المصادر ان غالبية اللاجئين السوريين في الجنوب هم من مؤيدي النظام السوري، لافتة الى أن ما تبقى من هؤلاء يخضعون لمراقبة دقيقة وقد تم أخيرا القاء القبض على 37 شخصا تبين تأييدهم لجماعات متطرفة وطردهم الى خارج البلدات الجنوبية. وتقول المصادر: "تمّ ابلاغ اللاجئين في الجنوب أن هناك خطوطا حمراء ممنوع تجاوزها وأن العلاقة مع المجتمع اللبناني يجب ان تنحصر باطارها الانساني".

ولا يبدي حلفاء النظام السوري في لبنان أيّ حماسة لاقامة مخيمات للاجئين على الاراضي اللبنانية. وتحث مصادر في حزب البعث على وجوب تواصل الجانب اللبناني مع النظام السوري لضمان عودة اللاجئين الى بلادهم. وتقول المصادر: "بدل الانشغال باقامة مخيمات، الحري التواصل مع النظام السوري الذي أتمّ كلّ الاستعدادات اللوجستية وجهّز أماكن ايواء للسوريين الذين دمرت منازلهم او تشهد بلداتهم اشتباكات".

وتؤكد المصادر أن الحكومة السورية تتعاطى بمرونة كبيرة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، لافتة الى ان الجهود في البلدان المضيفة يجب أن تنصب في هذا الاتجاه.

وأخيرا، يبقى ملف اللجوء، ورقة ضغط تستخدمها القوى السياسية اللبنانية خدمة لمصالح آنية، فيما تتضاعف مخاطره مع مرور الايام بغياب الحلول العملية وطول أمد الأزمة السورية.