إنَّه زمن التطورات المثيرة الذي لا يخلو من المفاجآت سواء أكانت السلبية أم الإيجابية، فما هو سلبي للبنان أنَّ هناك عسكريين من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، مخطوفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية داعش وجبهة النصرة.

حتى اليوم سُجِّل تطوران سلبيان وتطورٌ إيجابيٌّ في هذا الملف، التطوران السلبيان تمثَّلا في ذبحِ عسكريَيْن من المخطوفين، أما التطورُ الإيجابيّ فتمثَّل في السماح لبعض المخطوفين بالإتصال الهاتفي بأهلهم.

الوساطات في هذا الملف تدرَّجت في مستويَيْن:

مستوى محلي، إذا صحّ التعبير، وقاده بعض متعاطي الشأن العام في عرسال، وهذا المسعى بقي محدوداً.

أما المستوى الثاني، وهو الأهم، فهو الذي تولاه ويتولاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي كان له الدور المحوري في الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس تمام سلام للدوحة الأحد الفائت.

في هذا الإطار فإنَّ الملف بين لبنان وقطر هو في يد اللواء ابراهيم عن الجانب اللبناني وغانم الكبيسي عن الجانب القطري، كما هو في يد حقَّان فيدان عن الجانب التركي، ولأنَّه بين أيدي المسؤولين الأمنيين الثلاثة، فإنَّ الشيء القليل يرشح من معلومات، لكن ما هو شبه مؤكَّد أنَّ هذا الملف أصبح في سباقٍ مع الوقت، فالحرب على داعش بدأت وأولى طلائعها قصفٌ جويٌّ على أحد مواقع داعش في العراق، فبماذا سيرد هذا التنظيم؟

هل من خلال المخطوفين؟

تنظيم داعش أعدم مواطناً بريطانياً كردٍّ على قرار بريطانيا في التحالف ضده. لبنان بدوره أعلن المشاركة في هذا التحالف، فهل من ثمنٍ سيدفعه؟

وما هو؟

السؤال التالي:

هل ستكون الوساطة الخارجية فاعلة ومجدية؟

تركيا مُحرَجة، فلديها أيضاً مخطوفون لدى تنظيم داعش في الجانب الحدودي التركي - السوري، فكيف تعمل على إطلاق المخطوفين اللبنانيين فيما هي غير قادرة على إطلاق مواطنيها؟

يبقى الجانب القطري الذي وعد رئيس الحكومة، لكنَّه لم يلتزم بأيِّ مهلة زمنية، فماذا يعني الوعد من دون الإلتزام؟

ربما يُفتَرض إنتظار الإتصالات بين الدوحة ومنطقة القلمون أي الجانب السوري من الحدود اللبنانية - السورية المحاذية لعرسال، حيث المعلومات تُرجِّح أن يكون الخاطفون والمخطوفون هناك. وربما لهذا السبب مدَّد المدير العام للأمن العام زيارته لقطر.

وعليه، ومع كلِّ هذه الأجواء، لا يسع سوى الإنتظار.

في الموازاة، هناك الحرب على داعش، وهي بدأت أمس بغارات أميركية على مواقع لهذا التنظيم في العراق، ولكن ما هي آفاق هذه الحرب؟

المراقبون يستطيعون تأريخ بدايتها أي في 16 أيلول 2014، ولكن مَن يستطيع تأريخ نهايتها؟

إذا كانت هذه الحرب على غرار الحرب الأميركية على الصومال واليمن، فإنَّها قد تمتد لأعوام، ولكن كيف لها أن تستمر فيما هناك دولٌ مؤثِّرة لا تشارك فيها كروسيا وإيران؟

وهل سيبقى التماسك بين الأربعين دولة التي تشارك فيها؟

إنَّها من الحروب الأكثر غرابة في التاريخ:

أربعون دولة يشنّون حرباً على تنظيم يضمُّ أعضاء من ثمانين جنسية، إذاً أكثر من مئة دولة معنية بهذه الحرب، بهذا المعنى أيُّ إستقرارٍ يُرتَجى ولا سيَّما في المنطقة، وأكثر دقّة في لبنان؟