شعرت "إسرائيل" بالخطر الذي يلاحقها جراء تطوُّر الاحداث في فلسطين، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة على غزة، والتي انهزمت فيها "إسرائيل" وانتصرت المقاومة، لاسيما أن مراحل تطوُّر الصراع مع "إسرئيل" من الانتفاضة الشعبية إلى انتفاضة الحجارة ومن ثم المقاومة المسلحة أثبت فعالية هذه المقاومة، وجعل "إسرائيل" تعيش الخوف على أمنها، وهو ما لم تكن تتصور أنها ستصل إليه، وبات شعبها في دائرة خطر صواريخ المقاومة في كافة المناطق الفلسطينية المحتلة.

رغم الإنجازات التي حققتها المقاومة، ما زال هناك تيار سياسي داخل منظمة التحرير يمثله أبو مازن لا يؤمن بالكفاح المسلّح، وخياره البديل هو المفاوضات السياسية للوصول إلى الدولة الفلسطينية على أراضي العام 67، والتي لم تُبصر النور حتى هذه اللحظة.

ومن تداعيات هذا الخيار السياسي أن حركة المقاومة في الضفة الغربية كانت تنمو ببطء، ولم ترقَ إلى المستوى المطلوب من التصدي الذي يقلب المعادلة على أرض المعركة، كما حصل في غزة مؤخراً، حيث أُجبرت "إسرائيل" على الذهاب مرغَمة إلى مفاوضات غير مباشرة، وبشروط المقاومة.

ما يزال التحرُّك في الضفة دون الانتفاضة الشعبية، ولم يتجاوز بعض المواجهات المحدودة ضد الاعتداءات "الإسرائيلية"، لكنها في تقدير بعض الدراسات الاستراتيجية مازالت "ناعمة"، ويجب تهيأة الظروف لتتحوّل المواجهات من "الناعمة" إلى المواجهة الشعبية العارمة، ومن ثم الانتفاضة المسلَّحة، لأن الأمور في الضفة لن تستقيم إلا بالمقاومة المسلَّحة، وأبناء الضفة هم أبناء فلسطين، وليست غريبة عنهم ثقافة المقاومة والعمل المسلَّح، فالمواجهات تحصل يومياً بينهم والجيش "الإسرائيلي"، حيث يسقط الشهداء والجرحى، وتتم الاعتقالات، لكن الذي يحتاجون إليه هو القيادة المخلصة التي ترعاهم وتوجّههم للعمل المسلَّح لمواجهة المحتل "الإسرائيلي".

تطوير العمل المقاوم في الضفة يقع على عاتق فصائل المقاومة، وتحمُّلها لهذه المسؤولية يتطلَّب مجموعة من الأمور عليها أن تاخذها بعين الاعتبار، منها:

1- تعزيز التفاهم الفلسطيني - الفلسطيني، وذلك باستكمال المصالحة بين "فتح" و"حماس" و"الجهاد".

2- عدم التشكيك بجدوى المقاومة، وعدم تحميلها مسؤولية الدمار والدماء في غزة.

3- عدم التعرُّض لسلاح المقاومة أو حصره في إطار السلطة، وضرورة إبقائه خارج التداول.

4- وقف النزاعات بين الحكومة و"حماس".

5- وقف التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والكيان الصهيوني.

6- وضع خطة متكاملة لمواجهة "إسرائيل" في الضفة والقطاع.

"إسرائيل" لا تؤمن بالسلام، وشعبها كذلك، وهو يؤيد كل ما يفعله زعماؤها من قتل وأسر وتدمير وتهجير ووضع اليد على أراض فلسطينية لتحويلها إلى مستوطنات، وهي تظن أنها بهذه الأعمال العدوانية ستتمكّن من إقامة الدولة اليهودية على كامل التراب الفلسطيني..

فهل نرتقي بوعينا السياسي لمواجهة هذا الخطر الداهم؟ وهل نتلمّس ما أدركه الإمام الخميني (قدّس سرّه) بأن دعا إلى تحرير فلسطين واعتباره واجباً شرعياً؟ وهل نتلقّف ما قاله الإمام الخامنئي (دام ظله) بضرورة أن تتسلح الضفة الغربية كما تسلّحت غزة لأنه الطريق الوحيد لمواجهة هذا الكيان المتوحش؟ وهل نستفيد من تجارب المقاومة لمواجهة "إسرائيل" من أجل إزالتها من الوجود؟