تواصل «جبهة النصرة» ضغوطها النفسية على قيادة الجيش واهالي العسكريين فتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية للعسكريين المخطوفين تهدف الى تأليب الرأي العام على حزب الله وتحميله مسؤولية احتجاز وهدر دم العسكريين من جهة كما ترمي «النصرة» الى تكثيف ضغطها على المفاوضين في الملف لتسريع تنفيذ مطالبها في سباق مع الوقت قبل ان يداهمها شتاء عرسال القارس الذي سيضيق عليها فرص بقائها في الجرود الوعرة.

فبعد إعدام العسكريين الشهيدين عادت «النصرة» لتهدد بإعدام الجندي معن حمية في بيان تحذيري تحت عنوان «طفح كيلنا»، وهذا التهديد، بحسب مصادر متابعة للملف، بالاعدام الثالث وبالاسلوب الهمجي لـ«النصرة» في ظل اجواء كانت تتحدث عن تقدم في مسار المفاوضات، وبعد تحرك رئيس الحكومة تمام سلام الى الدوحة ومن ثم الى تركيا مما طرح علامات استفهام هذه المرة حول جدية تهديدات «النصرة» وحول نتائج المفاوضات التي فتحت عبر قنوات سرية مع الخاطفين خصوصاً وان ما سرّب من معلومات كان يتحدث عن توقف عمليات الاعدام خصوصاً وان «جبهة النصرة» أدركت بعد الاعدام للعسكري الثاني انها لن تنال مطالبها وان هدر دم العسكريين لن يوصلها الى مبتغاها بل سيضيق عليها الحصار اكثر وسيزيد من توتير الوضع الداخلي وتماسك كل مكونات المجتمع اللبناني في مواجهتها وقد كان مشهد تلاقي عائلتي الشهيدين «علي السيد وعباس مدلج» في مسجد للصلاة على روحيهما دليلاً على وقوف اللبنانيين من كل الطوائف صفاً واحداً في الحرب والمواجهة مع النصرة وان مخططات المجموعات الارهابية لن تجد لها صدى لا في المجتمع السني او لدى ابناء الطائفة الشيعية.

ولكن هل فعلاً اخفق الوسيط القطري في الحصول على ضمانات حقيقية بوقف الذبح؟ تؤكد المصادر إن مع «النصرة» او «داعش» لا فرق، لا يمكن الركون الى تفاهمات في الوقت الراهن، لان الخاطفين يمسكون بورقة مهمة هي ورقة العسكريين الخطيرة والتي تتمسك القيادة العسكرية بها وتصر على استرجاع جنودها بدون تقديم تنازلات كبيرة للخاطفين. ولكن مع المجموعات الارهابية لا يمكن الركون للاطمئنان والهدوء تضيف المصادر خصوصاً ان هذه المجموعات تعتمد على القتل لترويع الرأي لعام لنيل مكاسبها من جهة، ومن جهة اخرى فان غالبا ما تلجأ هذه المجموعات الى الانقلاب على تفاهماتها في اللحظة الاخيرة، وهذا ماحصل في ملف الراهبات الذي شهد تعقيدات في الساعات الاخيرة لتحريرهن كما في ملف مخطوفي اعزاز بعدما استجدت مطالب اضافية للخاطفين.

اما لماذا عادت «داعش» لتمارس الضغوط النفسية، فتجيب المصادر من اجل تحقيق مكاسب في الملف وبعدما ادركت المجموعات الارهابية انها لن تحصل على ما تريد من مطالب في ظل استحالة تلبية شروطها ومطالبها التعجيزية والمتمثلة باطلاق موقوفين خطيرين وبمعادلة 13 مقابل كل عسكري محتجز لديها.

ومن جهة اخرى، فان «داعش» التي ادركت استحالة تلبية مطالبها والمقايضة بين موقوفيها والعسكريين وعلى وطأة تهديدات التحالف بالضربات العسكرية الضارية عليها من العراق وربما امتداداً الى الحدود السورية والتركية تسعى الى كسب الوقت قبل ان يبدأ التحالف الدولي بتنفيذ عمليته العسكرية.

ومن المؤكد كما تضيف الاوساط ان «داعش» واخواتها في جرود عرسال الذين يحتجزون العسكريين باتت على قناعة بانها لن تنال من الجانب اللبناني الا مطلب تسريع المحاكمات للموقوفين للاسلاميين وان سائر شروطها التعجيزية لن تحصل على اي واحد منها، وخصوصاً اطلاق المتهمين الخطيرين اذ في حسابات السلطة السياسية ان المقايضة تجردها بالدرجة الاولى من هيبتها بالاستسلام للارهابيين، كما ستكون في مواجهة جديدة مع المجرمين الخارجين من السجون للانتقام من السلطة التي اعتقلتهم وعطلت ارهابهم ومخططاتهم لتقويض الساحة الداخلية وانشاء امارتهم الاسلامية المفترضة.

ومن جهة اخرى، فالمؤكد تقول الاوساط ان السلطة السياسية ليست في وارد تلبية الشروط الاخرى في الوقت الراهن على غرار تأمين ممرات آمنة للخاطفين بين عرسال والجرود، او انشاء مخيمات للاجئين السوريين تشبه المخيمات الفلسطينية.