أخيراً وبعد تجميع المعلومات ومواقف الحلفاء وجولات مكوكية بين عواصم المنطقة قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وبعد الدراسات التي أجرتها مراكز المستشارين، خرج الرئيس الأميركي باراك أوباما ليعلن استراتيجية إدارته للحرب على «داعش».

قال أوباما خلال خطاب مباشر بثه التلفزيون الأميركي من داخل البيت الأبيض في واشنطن ليلة أمس، إنّ بلاده تقود حلفاً دولياً واسعاً، يضمّ في تشكيلته دولاً عربية، من دون أن يسمّيها، فيما شدّد على أنّ التدخل العسكري بزعامة أميركا سيتمّ عبر الجو، ولن يشمل نشر قوات برية على أراض أجنبية.

طالب الرئيس الأميركي من الكونغرس المصادقة بقوة على استراتيجيته في الهجوم على تنظيم «داعش»، وأورد أوباما أنّ خطته في مواجهة «داعش» أو كما وصفها بـ»الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب»، ترتكز على 4 محاور، حيث تستهدف تحجيم وتدمير التنظيم، عبر توجيه ضربات جوية لمعاقله في كلّ من العراق وسورية، وأيضاً تعقّب الإرهابيّين أينما كانوا «لأنهم يهدّدون حياة ومصالح الأميركيين»، فيما أعلن أنّ تنسيقاً موسعاً يتمّ مع الحكومة العراقية طيلة الحملة العسكرية.

تشمل خطة أوباما العسكرية أيضاً قطع التمويل على تنظيم الدولة الإسلامية وتوقيف تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق وسورية إلى جانب ما أسماه «التصدي ايديولوجية التنظيم».

أوضح الرئيس الأميركي أنّ بلاده لن ترسل قوات أميركية قتالية إلى العراق ولكنها مجرّد عناصر للتدريب، مشيراً إلى أنّ التحالف الدولي سيدعم من وصفها «المعارضة السورية المعتدلة»، من أجل التوصل لحلّ سياسي للأزمة السورية، فيما كشف أنّ التنسيق العسكري لن يشمل «النظام السوري» خلال الضربات العسكرية.

من حق كلّ من استمع إلى كلام أوباما أن يتساءل عن المضمون الاستراتيجي لكلام رئيس الدولة العظمى الأولى في العالم وهو يعيد مقتطفات صحافية عمرها أشهر لا جديد فيها، ولا قدرة لما تضمّنته على إقناع طفل صغير بأنها خطة متسلسلة ومنهجية توصل للقضاء على «داعش»، وأنّ أبسط ما توصف به من دارج الأمثال الشعبية «اسم كبير والمزرعة خربانة».

عاد وزير الخارجية ووزير الدفاع معاً في جلسات الاستماع أمام الكونغرس وأكدا كلام رئيسهما ووصفا ما قرّرته الإدارة بالاستراتيجية.

الواضح لكلّ متابع أنّ الاستراتيجية الأميركية، هي قصف جوي عندما تتخطى قوات «داعش» الحدود المقبول أن تتحرّك ضمنها من قبل واشنطن، وأنّ القضاء على داعش الذي يتوقف على قوات برية غير موجودة ووقف تمويل ومنع تدفق مقاتلين، غير قابل للتحقق وينتظر تدخلاً تركياً غير موجود، لأنّ القرار الأميركي الجدي غير موجود، وأنّ جلّ الاهتمام الأميركي على خمسة محاور، كيف لا يعود المقاتلون الذين تركوا بلادهم إلى إمارة «داعشتان» مرة أخرى إلى هذه البلاد فتحتضنهم الإمارة، وكيف لا تتمدّد هذه الإمارة وتهدّد ثلاثة هم «إسرائيل» والسعودية وكردستان، وكيف تصير الحرب مصدر تحريك اقتصادي لبلد يعيش الجمود منذ عقدين من الزمان، وكيف تدار أزمات المنطقة بما يبقي «داعش» مسمار جحا الصالح للتدخل سياسياً وأمنياً وربما في وقت لاحق عسكرياً، وكيف تخترع أدوار وهمية للدمى التي تلتحق بالقرار الأميركي لمنحها أوكسجين الحياة، كحال المعارضة السورية المنتهية الصلاحية.

أي شيء يمكن أن يقًال بما قاله أوباما وكيري وتشاك هيغل وزير الدفاع، إلا وصف استراتيجية للحرب على «داعش»، يمكن أن تكون استراتيجية، لكن للحفاظ على «داعش» وإدارة حدود دور الإمارة.