عاجلاً أو آجلاً، سيطرح اتفاق الطائف على طاولة البحث.. هذه المرة، الموضوع جدي عند قوى 8 آذار ومن يدور في فلكها الى حد التأكيد بل والجزم بأن الاتفاق على اجراء الانتخابات النيابية او الرئاسية او حتى التمديد لمجلس النواب لن يحول دون اعادة النظر في هذا الاتفاق برمته...

وعليه، لا تخاف قوى 8 آذار من الفراغ الذي يحاول رئيس الحكومة السابق سعد الحريري التهديد به، فأزمة الحكم في لبنان باتت بحاجة الى هيكلة سياسية جذرية او الى ما اصطلح على تسميته بالمؤتمر التاسيسي الذي سيسمح للبنان لاحقا بالتكيف سياسيا مع اعادة هيكلة المنطقة عربيا واقليميا..

بطبيعة الحال وبقدر حرص هذه القوى ومن يدور في فلكها على الاستقرار النسبي في لبنان، الا انها ليست موافقة على السماح للفريق الاخر وتحديدا المستقبل مع راعيه الاقليمي بالتمتع بصلاحيات اتفاق الطائف والاستمرار في اعلان الحرب على محور هذه القوى من لبنان الى سوريا والعراق فايران..وقد يكون ما سرب عن خلفيات محور " مكافحة الارهاب " الذي تقوده واشنطن هو احد اهم العوامل التي ستؤثر على تسريع وتيرة سحب الورقة اللبنانية من يد الراعي الإقليمي لـ 14 آذار.

لكن لا يمكن النظر الى تحضيرات ترتيب البيت اللبناني السياسي بمعزل عن الضغوطات التي يمارسها الفريق المسيحي الوازن في لبنان الممثل بالتيار الوطني الحر بمؤازرة خجولة من بكركي وبضغط غير مسبوق من الفاتيكان ودول فاعلة لاعطاء المسيحيين دورا رئيسيا في لبنان بعد تهجيرهم من المنطقة العربية..

هنا تحديدا، تؤكد المعلومات ان الفاتيكان طلب من دول عربية وغربية الضغط لاعطاء المسيحيين حقهم من اتفاق الطائف والا مطالبة الرعاة الاقليميين تعديله بما يتناسب مع تعزيز دورهم السياسي في لبنان...

ثمة معادلة لا يمكن التغافل عنها في وضع لبنان ضمن المحيط العربي.. ورقة التحالف بين حزب الله و"التيار الوطني الحر" ستعتبر العنوان الابرز الذي سيتحكم بمسار الربيع اللبناني المنتظر... يمكن النظر الى هذا الموضوع من زاوية ان الاعتدال السني في لبنان يجنح نحو التطرف بدليل ما حصل في معركة عرسال وما تلاها وما يحضر في طرابلس..

ووفقا لمعلومات اكثر من مصدر، فان لبنان ليس بعيدا عما يشبه الانتفاضة لاعادة هيكلة التوزيع السياسي، المعلومات هنا ليست كلاما على ورق او مجرد مناورة لتحصيل مكاسب سياسية في مكان آخر...

العبرة حسب هؤلاء تكمن في ان اللحظة المفصلية التي تعيشها المنطقة تأثر بها الجميع الرابح والخاسر على حد سواء.. صحيح انه لا يمكن التغافل عن حجم الضغط الذي يتعرض له محور المقاومة في سوريا والعراق ولبنان لكن في الميزان ذاته نجد ان المحور الاقليمي الاخر الذي من ضمنه راعي اتفاق الطائف محاصر في اليمن والبحرين وتركيا وسوريا والعراق وقطر..

وفق هذه المعادلة، لا يظهر لبنان مدرجا على جدول اعمال اي طرف الا في شقه الامني... لكن خفايا الامور تشير الى ان لبنان هذا يشكل في الحسابات الاقليمية الصغيرة ورقة اساسـية تشمل عنصر الوجود المسيحي الوازن في المحيط السني والقوة الشيعية المتمثلة بحزب الله، وهذه الثنائية وفق المصادر تعتبر الساحة الوحيدة لترجمة مجريات الصراع الشامل بين المحورين..