اوكرانيا، الإيبولا، سوريا، داعش، القضية الفلسطينية، الملف النووي الإيراني... ملفات وأزمات تحاصر العالم بكامله، في حين تجد ​الأمم المتحدة​ نفسها عاجزة عن حلّ أي منها، لكنها تحاول الإيحاء أنها ما تزال مركز التفاهم والعلاجات.

مطار جون كينيدي يشهد منذ بداية الأسبوع تدفقاً دبلوماسياً من مختلف أنحاء العالم باتجاه المنظمة الدولية لحل القضايا العالقة والمستجدة في العالم.

وكشف الأمين العام بان كي مون قبيل افتتاح الدورة الجديدة أنّ أعمال الجمعية العامة ستناقش بشكل خاص العنف في كل من سوريا والعراق حيث انتج الصراع أرضاً خصبة للجماعات المتطرّفة التي بات تهديدها كبيراً.

وفيما احتار كي مون في أهمية قوة الصراع بين كل من ليبيا وأوكرانيا، رحب بالإجماع الدولي المتنامي للتحرك ضد التهديد الخطير للسلام والأمن العالمي والإقليمي متعهداً في نفس الوقت بعدم نسيان أزمات العنف المستمر في كل من مالي وجنوب السودان وجمهورية افريقيا الوسطى.

بعض التسريبات التي وصلت من خطاب الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي سوف يلقيه يوم الأربعاء المقبل أكدت أنه سيعلن عن تحالف دولي ضد داعش والإرهاب يضم كافة الدول بمن فيهم سوريا، كما سيكرر دعوته لصون الديمقراطيات والحريات على الطريقة الأميركية التي تتجلى في سياساتهم الخارجية.

يبدو أنّ مشروع الحرب على سوريا لتغيير النظام قد أسقط بشكل شبه نهائي، خصوصاً بعد تصريح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأن فرنسا مستعدة لضرب داعش في العراق فقط، أي أنها لن تكون الى جانب حلفائها الأميركيين والبريطانيين في أي قرار حرب أو ضربة عسكرية ضد أي بلد عربي حتى ولو كانت سوريا.

اوباما ولقاؤه بالرئيس الإيراني لن يكون همّ عدسات المصورين هذه المرة أيضاً، لأن ثمة مفاوضات فوق الطاولة بدأت تبرز منذ اليوم الأول من أعمال الجمعية بشأن برنامج إيران النووي، وقد عقدت اجتماعات تنسيقية داخل مجموعة 5 + 1 دون التوصل الى بيان ختامي.

وتتحدّث أوساط وكواليس الأمم المتحدة اليوم عن المفاجأة التي يحملها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في جعبته للأمم المتحدة الأسبوع المقبل. ما تسرّب من جعبة ملفات الوفد الفلسطيني هو أنّ الرئيس عباس سوف يركز في خطابه على نقطة واحدة وهي إنهاء الإحتلال الإسرائيلي من خلال مشروع قرار يقدم الى كل من مجلس الأمن والجمعية العامة، على غرار الطرق التي استخدمتها الولايات المتحدة لإنهاء حرب كوريا والسويس.

من جهته عقد مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور عشية وصول الوفد الفلسطيني للمشاركة في أعمال الجمعية العامة الـ69، مع مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحشد الدعم لمبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن تحديد يقف زمني لإنهاء الإحتلال، شارك فيها المندوبون العرب في الأمم المتحدة مساء الأربعاء الفائت.

وتجري المجموعة الفلسطينية والعربية مشاورات حول المبادرة تمهيداً لصياغة مشروع قرار الى مجلس الأمن للتصويت عليها بعد الإستماع الى كل الدول قبل انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر.

وفي حال فشل مشروع القرار في المجلس، سوف يلجأ الفلسطينيون الى الجمعية العامة على غرار ما فعلته الولايات المتحدة في السنوات الماضية.

وللتذكير، إنّ الولايات المتحدة نفذت سابقة في تاريخ الأمم المتحدة عندما لجأت الى الجمعية العامة في مشروع قرار لحماية الأمن والسلم الدوليين. وحتى تتفادى الفيتو البريطاني والفرنسي، لجأت الى الجمعية من أجل تمرير قرار ينهي حرب كوريا وحرب السويس. فعطلت مجلس الأمن لمدة 24 ساعة ومررت القرار.

وعلى هذا النحو، سيتقدم الرئيس الفلسطيني بطللب مشروع قرار موافق عليه من قبل المجموعة العربية الى الأمين العام بان كي مون، الذي يقدمه بدوره الى الجمعية العامة للتصويت عليه.

ومشروع القرار يطالب بإنهاء الإحتلال او العودة لقرار التقسيم الذي صدر عام 1948. عملياً، هذا المشروع القرار هو إسقاط لمسيرة إتفاقية اوسلو، وهو ثمن باهظ سوف تدفعه الولايات المتحدة واسرائيل، وهو أمر يترتب عليه العودة الى الخرائط التي وضعتها الأمم المتحدة، والنظر في شرعية المستوطنات.

من جهتها صرحت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنتا باور للمجموعة العربية أن إدارة الرئيس اوباما ترفض مبادرة الرئيس عباس التي تتحدث عن تحديد سقف زمني لإنهاء الإختلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "جملة وتفصيلاً".

ويبقى السؤال، لا بل تبقى أسئلة. هل ستقبل إسرائيل بالقرار إذا كتب له النجاح؟ هل سيتوقف عباس عن مشروع قراره الذي سوف يعلن عنه في خطابه في الجمعية وسيعود الى طاولة المفاوضات تحت تأثير الضغوطات؟

بعض المراقبين يقولون أن الرئيس عباس لن يكون جاداً في طرح مشروع القرار، وإنما هو مناورة لتحسين شروط التفاوض مع اسرائيل، لكن البعض الآخر يقول:

انما الأمم المشاريع ما بقيت فإن ذهبت مشاريعهم ... ذهبوا.