مساء الثلاثاء الفائت كان رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ضيفاً في برنامجٍ حواري على شاشة الOTV، وكان موضوع الإنتخابات النيابية والرئاسة محور المقابلة.

سأله المحاوِر:

يبدو أنّك تعوّدت على فكرة التمديد للمجلس.

فأجاب:

أجيد تعداد النوّاب الذين يريدون الإنتخابات والنوّاب الذين لا يريدونها.

عاود المحاوِر سؤاله:

إذاً أنت تقول إنّ الصفقة قد تمّت.

فأجاب باقتضابٍ ولكن بمغزى:

أعتقد ذلك.

هذا الحوار، على اقتضابه، أشعل عاصفةً من ردات الفعل، لأنَّه أوحى إلى درجة التأكيد أنَّ التمديد سيحصل من ضمن صفقة. هذا الإيحاء عاجلَه زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري بتغريدتَين على تويتر، كانتا كافيتين لإسقاط الصفقة صريعة.

قال الرئيس الحريري في تغريدته الأولى، كلام كثير سيقال عن صفقةٍ للتمديد للمجلس. فلا صفقة ولا من يحزنون. نحن بكلِّ بساطة لن نشارك بالإنتخابات النيابية قبل إنتخاب رئيسٍ للجمهورية.

ثم ألحقها بتغريدةٍ ثانية، قال فيها:

ليتفضلوا إلى إنهاء الفراغ في الرئاسة ونحن على إستعداد لأيِّ إستحقاقٍ آخر. خلاف ذلك، هناك رهان على المجهول وربما السقوط في الفراغ التام.

هكذا يقطع الرئيس الحريري الشكَّ باليقين، ويوجِّه رسائلَهُ إلى مَن يعنيهم الأمر، بأنَّ لا صفقة في موضوع التمديد لمجلس النواب، بل إنَّ الأولوية هي لإنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.

فالرئيس سعد الحريري، حتى لو كان قسراً خارج لبنان فإنَّه في قلب تطوراته، كما لبنان في قلبه، وهو يتابع كلَّ التفاصيل ويدقّق فيها دقيقة بدقيقة.

هذا الكلام السليم والدقيق، يُفترض فيه أن يُخرِج لبنان من إشكالية كبرى تتعلَّق بلغز دستوري، في حال تمت الإنتخابات في وضع الفراغ هذا، وهو يتمثَّل بالآتي:

في حال جرت الإنتخابات النيابية فإنَّ الحكومة ستستقيل حُكماً، ما يعني وجوب إجراء إستشارات نيابية ملزمة لتسمية الرئيس المكلَّف تشكيل الحكومة، فمَن سيُجري هذه الإستشارات النيابية الملزمة إذا لم يكن هناك رئيسُ جمهورية؟

بهذا المعنى، هناك إلزامية إجراء الإنتخابات الرئاسية قبل الإنتخابات النيابية، وما عدا ذلك كلامٌ في الهواء لا يُعتَدُّ به.

إذاً، الوضع معقَّد وعلى أكثر من مستوى، والترشيحات للإنتخابات النيابية لا تعني أنَّ الإنتخابات حاصلة، فليس بالترشيحات وحدها تحصل الإنتخابات، لأنَّه لو كانت كذلك لكان على اللبنانيين أن يباشروا التهنئة:

فالتقدّم للإنتخابات بلغ 514 مرشحاً، فاز منهم بالتزكية عشرة مرشحين، في مقدّمهم الرئيس نبيه بري. فهل سيؤخذ بهذه النتيجة أم أنَّها ستوضَع على الرف، لأنَّ هناك تزكية التمديد التي تتقدَّم على تزكية الإنتخابات؟

إذاً، هذا هو الوضع، فلماذا المكابرة؟

ولماذا إستسهال الأمور والإعتقاد بأنَّه بالإمكان إجراء الإنتخابات النيابية؟

وزير الداخلية نهاد المشنوق كان في أعلى درجات الشفافية حين أكَّد أنَّ الوزارة جاهزةٌ تقنياً لإجراء الإنتخابات، لكنَّه لا يتحمَّل مسؤولية إجرائها في هذه الظروف.

وما لم يقُلْه الوزير المشنوق هو:

كيف يمكن إجراء الإنتخابات في عرسال أو البقاع الشمالي أو طرابلس أو عكار أو حتى في البقاع الأوسط؟

المزايدون يُفتَرض فيهم أن يتوقفوا عن التلاعب بأعصاب الناس، فهناك الكثير من الملفات والمشاكل التي تُرهِق الناس وليسوا بحاجةٍ إلى ملفاتٍ ومشاكل إضافية، فارْحَمُوهم.