النائب وليد جنبلاط سيطلب الامن ولو في الصين، لذلك من المستغرب ان يزور في الامس الرابية واليوم بكفيا وغداً معراب، وليس غريباً ان يرد العماد ميشال عون الزيارة بمثلها الى كليمنصو رغم ندرة تنقلات الجنرال في الفترة الاخيرة حسب مصادر وسطية.

وتضيف هذه المصادر ان جنبلاط يقلقه مصير طائفته من خلال ما يحيط بمنطقة الشرق الاوسط من غموض، وهو اي جنبلاط شاهد عن كثب ما حل بالمسيحيين في الموصل، وكيف تم اقتلاع الايزيديين من اساسهم وتشريدهم في اعالي جبل سنجار وهم اليوم ينتظرون بئس المصير، والخشية الكبرى التي تقض مضجع الزعيم الدرزي هي في المصير المنتظر للدروز في جنوب سوريا.

ازاء ذلك، تؤكد المصادر ان جنبلاط لن يتردد في القيام بأي زيارة قد تفيده لابعاد الكأس المرة عن طائفته، ولن يتهاون باتخاذ اي موقف خلافاً لرغباته السياسية.

وفي الامس اعترض على التحالف الدولي المنقوص لمحاربة الارهاب في ظل غياب روسيا وايران، ومن يدري غداً فقد يطالب بانضمام النظام السوري الى هذا التحالف اذا اقتضت مصالح الطائفة الدرزية ذلك.

وفي المقابل تضيف هذه المصادر ان العماد عون يرى أن الاوضاع في هذا الشرق لن تستقيم الا بعودة الحقوق الكاملة للمسيحيين في لبنان، وهو الذي ادرك أن السنية السياسية حجبت اصواتها البرلمانية عن الرئيس المسيحي القوي، لذا لن يتردد في اللجوء الى الشعب باعتباره مصدر السلطات، ولاجل ذلك يرى العونيون ان زيارة كليمنصو تأتي في هذا المجال، اضافة الى انها بروتوكولية على اعتبارها رداً على زيارة جنبلاط للرابية.

وقد اكد مصدر في «التيار الوطني الحر» ان الجنرال كان قد قرر في وقت سابق ان يرد الزيارة للنائب وليد جنبلاط الا ان الظروف الصحية التي المت به ارجأت الامر، اضافة الى ان الجنرال رأى في تصريح جنبلاط الذي اكد فيه انه ليس هناك من اشكال بينه وبين الجنرال اذا اتفق مع السنة، علماً انه لم يعارض التسوية التي طرحت في ان يتولى عون رئاسة مرحلة انتقالية، بالاضافة الى انه لمس خلال اجتماعاته مع السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري بان موقف الطائفة الشيعية موحد مع اي قرار يتخذه عون وان الزعيمين مقتنعان بان المرحلة تتطلب رئيساً قوياً شعبياً بسبب دقة المرحلة وحفاظاً على العلاقة السياسية والاجتماعية التي تربط بين الشيعة والمسيحيين وتطميناً لهم بان الشيعة في لبنان والعراق وايران يرون ضرورة في تثبيت المسيحيين في الشرق.

علماً ان بعض المصادر التي تربطها علاقة مع الطرفين بدأت تلمس قناعة لدى جنبلاط بان المرحلة تتطلب قيادة مسيحية قادرة على جمع اكثرية المسيحيين كما ان هناك تقارباً بين قاعدة التيارين في الجبل، يضاف اليها ما اطلقه جنبلاط في حديث سابق حول ان ما يحدث سيودي بالمسيحيين والدروز ليصبح وضعهم مشابها للهنود الحمر.

ولفت المصدر الى ان رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع اكد لمراجع برلمانية عربية، انه اذا تقرّب الجنرال من النائب وليد جنبلاط ومن الرئيس أمين الجميل يصل الى كرسي الرئاسة الاولى وان محاولات تجري بهذا الخصوص ولكنها حتى الان لم تصل الى نتيجة.

مصدر مقرب من النائب وليد جنبلاط اكد انه على عكس ما صدر في بعض التحليلات التي كان فيها شيىء من التشويش على الزيارة، فهي كانت ممتازة وليست بعملية برتوكولية، على الرغم من انها في الشكل تبدو هكذا، ولكن في المضمون هناك توافق على استمرار التواصل بين الرجلين منذ اللقاء الاول، وهناك مبررات سياسية موضوعية لهذا التواصل، بعيدة كل البعد عن الشكليات البرتوكولية والمجاملات، وبالطبع المواضيع التي طرحت كانت اساسية وجزء منها تم التعبير عنه والجزء الآخر بقي ملك الرجلين. لكن مما لا شك فيه انه كانت هناك مقاربة للمواضيع الساخنة المطروحة بمختلف جوانبها، خاصة ان هناك تفاهماً مشتركاً بين عون وجنبلاط على خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان وتمر بها المنطقة، وطبعاً لا ننظر الى الامر من زاوية الخلفية الدرزية المسيحية، لان الموضوع وطني عام ومتعلق بمستقبل لبنان، وصحيح ان الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية شكل انتكاسة للسياق الوطني العام، وتحديداً لناحية الخلل الموجود في التمثيل المسيحي على رأس السلطة، ولكن الامر يتعدى بعض الشكليات خصوصاً ان بعض الجهات بدأت تسرب ان الجنرال مستعجل على موضوع الانتخابات النيابية، وقد يكون اللقاء لقطع الطريق على بعض الاطراف الآخرين , وهذا الامر ليس بصحيح بالرغم من ان التعاون المناطقي بين الحزب والتيار بدأ منذ فترة وهو مستمر منذ اللقاءات التي حصلت في العام 2011.

ولفت المصدر الى ان المؤشر الواضح هو ان رؤية كل من الجنرال وزعيم المختارة التي تتعلق بالملف الرئاسي ليست متباعدة كما يوحي البعض وبالتأكيد في هذه المسألة ليس هناك التفاف على احد.

وعن زيارة الرئيس امين الجميل لجنبلاط، اكد المصدر ان رؤية وليد جنبلاط ليست جديدة على ضرورة حماية المسيحيين والحفاظ على دورهم وعلى التنوع، لانها مسألة ميثاقية لا تخضع للتجاذبات والتحالفات وهي مبدئية، خصوصاً انه في هذه المرحلة، دُعي لاجتماع في الازهر لمختلف ممثلي الديانات السماوية لحماية المسيحيين والاقليات في المشرق، فكيف بالحري القيادات اللبنانية التي هي مسؤولة بشكل مباشر عن حماية هذا التنوع والاحتضان الوطني العام لكل مكونات الشعب اللبناني.