لم يكن النائب ​خالد الضاهر​ وحده من قدّم ترشيحًا منفردًا للانتخابات النيابية المقبلة. زميله النائب ​معين المرعبي​ قام بالمثل، بعد قرار تيار المستقبل التخلي عن نائبي عكار ما يجعلهما خارج التركيبة النيابية المقبلة للتيار الأزرق.

القرار المستقبلي كان صارمًا وحاسمًا بعد سلسلة تحذيرات وجّهها رئيس التيار ​سعد الحريري​ للنائبين اللذين ما انفكا يغرّدان خارج السرب. هما كانا يلتزمان بالتعليمات لفترة من الزمن ليعودا إلى مواقفهما المتشددة التي لم يعد الحريري وتياره قادرين على استيعابها أو تبريرها.

ولعلّ موقف الضاهر الأخير ضدّ الجيش الذي استدعى ردًا مباشرًا من أمين عام التيار ​أحمد الحريري​، كسر الجرّة نهائيًا واستدعى قرارًا عاجلا أبلغه الحريري للمعنيين بتقديم الترشيحات التي خلت من اسمي "صقري" عكار.

وتقول مصادر في تيار "المستقبل" أنّ المواقف "المتشددة للضاهر والمرعبي بات من الصعب تغطيتها أو تبريرها باعتبارها تتنافى مع نهج الاعتدال الذي يتمسّك به التيار الأزرق، ما استدعى قرارًا نهائيًا من النائب سعد الحريري في هذا المجال".

وتشير المصادر إلى أنّه "وبالرغم من بعض التحفظات التي لدى التيار وأحزاب أخرى على ممارسات بعض ضباط وعناصر الجيش إلا أنّ المؤسسة العسكرية كانت وتبقى بالنسبة للحريري خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه، فكيف اذا كان نائبان من كتلته هما من يمعنان بتجاوزه؟" وتضيف: "حتى ولو قام الجيش بالاعتداء علينا بشكل يومي فنحن راضون بذلك فهو سندنا الوحيد وأي موقف أو تصرّف آخر قد يؤدي لانشقاقات بالمؤسسة العسكرية لا تحمد عقباها لجر البلد لاقتتال داخلي، وهو ما تريده بعض الأطراف.. لكننا لن ننجرّ إليه مهما كانت الأثمان".

وقد يكون المرعبي والضاهر يعوّلان على خرق لائحة التيار الأزرق متكئين على قاعدة شعبية تتعاطف مع المجموعات المتطرفة سنيًا أمثال "جبهة النصرة" و"داعش" خاصة بعدما بدأت في بعض البلدات اللبنانية المحسوبة على تيار المستقبل تطفو ملامح التطرف فيها والتي تهدد "اعتدال" التيار الأزرق، ولعلّ المعلومات التي تحدّثت عن إنزال صور الحريري في إحدى البلدات البقاعية مقابل رفع صور "خليفة داعش" أبو بكر البغدادي، إضافة إلى العبارات الداعشية التي غزت عددًا من المناطق، كلها عوامل يعوّل عليها نائبا عكار في المرحلة المقبلة لزيادة شعبيتهما وخرق صفوف تيار "الاعتدال السني".

وقد حسم "المستقبل" أمره متبنيًا ترشيح محمد المراد بديلا لمعين المرعبي، فيما لا يزال يبحث عن بديل عن الضاهر، ومن بين الأسماء المطروحة الوزير السابق طلال المرعبي الذي فتح مؤخرا قنوات تواصل مع المعنيين بالتيار الأزرق لهذه الغاية، ومرشح بلدة وادي خالد محمد سليمان.

وتستبعد مصادر "المستقبل" أن ينجح الضاهر أو المرعبي بتحقيق أي خرق يُذكر بالرغم من أنّهما قد يحاولان الاستفادة من الظروف والنفوس المشحونة، "إلا أنّه وحين تدق ساعة الحقيقة ويحين موعد الانتخابات فجمهور تيار المستقبل سيكون كما دائما جاهزا لانتخاب اللائحة كما هي".

وبالنهاية، فإنّ خيار تيار "المستقبل" التمسك بمنطق الاعتدال من خلال التخلي عن الضاهر والمرعبي، يعني قراءة متأنية وصحيحة للمعطيات الحالية ولما هو مقبل، فالاعتماد على موجة التطرف العاصفة في المنطقة وركوبها سيعني انتحاره وجر البلد برمته الى الهاوية، وهو ما استدركه التيار الأزرق وعرابته المملكة العربية السعودية بالوقت المناسب.